الملف السوري الى واجهة الاحداث مجددا… هذا الخط الاحمر الدولي

صعّد استخدام النظام السوري للسلاح الكيماوي في دوما بالغوطة الشرقية من المواقف الدولية تجاه الوضع في سوريا. شكّل الهجوم الكيماوي مناسبة لإعادة ملف سوريا إلى واجهة الأحداث، وفيما وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس النظام بشار الأسد بالحيوان الذي سيدفع الثمن باهظا، توسّعت مروحة المواقف الدولية المنددة والمطالبة بعدم ترك فعلة الأسد بدون حساب.

وبعيد الضربة شنّت مقاتلات حربية ضربات جوية إلى مطار التيفور العسكري والتي وصفها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بانها تطور خطير للغاية، هي عامل لتنفيس الإحتقان. وفيما المعطيات تفيد بأن هذه الضربات هي ضربات إسرائيلية، فتكون إسرائيل مجدداً دخلت لامتصاص صدمة الكيماوي عن الأسد، والإكتفاء بهذه الضربات، مقابل إستعداة نشاطها العسكري في الاجواء السورية، لكن النظام قد يكون تجنّب ضربة أكبر أو تصعيداً أخطر.

حتى الآن لا تزال الضربات في إطار المحدودة، لكن اللافت هو في الموقف الدولي بين الأميركيين، الفرنسيين والبريطانيين. الموقف الفرنسي كان سباقاً ومنذ أكثر من عشرة أيام ثمة مواقف فرنسية حول اتخاذ موقف من النظام إذا ما استخدم الكيماوي. تحتاج هذه الدول إلى ذرائع من خلال تحقيقات منظمة حظر الأسلحة الكيماوية.

هناك شيء من عالم الغيب في سوريا، فمثلاً يخرج الرئيس الأميركي ليعلن إستعداد بلاده للإنسحاب من سوريا، وبعدها يؤكد الأميركيون أنهم يريدون زيادة عدد قواتهم فيها. وبعد استخدام النظام للكيماوي يبرز موقف أميركي جديد، بالتزامن مع تصعيد في مواقف دول أخرى حيال النظام السوري، والتشديد على تدفيعه ثمن مسؤولية استخدام السلاح المحرم. هذا دليل على التخبّط الدولي، وعلى عدم وجود رؤية واضحة لأفق الصراع والتدخل فيه.

وبالتالي تأتي المواقف، كمن يريد حفظ حقّه، وهي تنحصر بمسألة الكيماوي واستخدامه، ولذلك تجد الدول نفسها مضطرة للرد على هذه الإستخدامات، بينما لو سحق الأسد سوريا كلها فلا مشكلة في الموقف الدولي مما يفعله، وليس هناك اهتمام لدى المجتمع الدولي، إنما حينما يصل الأمر إلى استخدام الكيماوي فلا بد من توجيه ضربة لرد الإعتبار، فلا يوجد أي استراتيجية أو رؤية سياسية لخطّة تعامل مع النظام على المدى البعيد. أي ضربة حصلت أو قد تحصل فهي مرتبطة فقط بالرد على الكيماوي، وتمثّل تنفيساً عن هذا الإحتقان.

ولكن لا بد من انتظار ومراقبة تطورات المواقف الدولية، إذا ما كانت ستتغير عن ما كان في السابق، أم أنه سيتم امتصاص كل هذا التصعيد، وفق تقديرات البعض فإن أي ضربة لن تكون إستراتيجية، وذات تأثير على تغيير موازين القوى، ولكن لا مجال للتراجع عن حصول هذه الضربات، بعد كل التصعيد المتخذ، إذا لم يحصل أي تطور اليوم، فالمؤكد أن هناك تطورات ستحصل لاحقاً.
ربيع سرجون – الانباء