ادفنوا حقدكم لتنهضوا!

وهيب فياض

عندما نادى وليد جنبلاط جمهوره، يوم البس كوفية العروبة وفلسطين لشبله تيمور، بالقول المأثور أدفنوا قتلاكم وانهضوا، لم يكن يخاطب عقول عشرات الألوف من المتجمهرين في باحات قصر المختارة لتجديد البيعة والقسم لنهج وتاريخ ومسيرة.

بل كان يخاطب ضمائر من ذاقوا الحرب وويلاتها، سواء كانوا معه او ضده او حتى على الحياد.

لقد أراد وليد جنبلاط، عند ترداده لهذا القول مرارا، ان ينفذ هذا القول الى الأعماق، لان المستقبل لا يبنيه اسرى زنزانات ماَسي الامس، الا اذا حطموا اقفال زنزانات القلوب وكسروا أغلال أسوار العقول، التي تحتجزهم في مغاور حقد الماضي.

في كل التجمعات وفِي كل الاتجاهات الدينية والثقافية والفكرية والعقائدية والحزبية، تجد من لا زال مكبلا بسلاسل الماضي التي تحجب عنه نور طريق العبور الى المستقبل.

ان الماضي ليس ولن يكون مجرد ذكريات سوداوية او نوستالجيا غير مجدية، بل هو مدعاة للعبرة، بدون احساس لا بالفخر بالنصر، ولا باللوم والذنب، ولا بالتقصير ولا بالاحباط، ولا بالانكسار واليأس ولا بالرغبة في الثأر.

انه معلم العقل المنزه عن نوازع النفس لتاخذ العبرة مما فات لصنع ما هو ات.

وليد جنبلاط،

لقد دفننا قتلانا، سواء كانوا مظلومين او ظالمين، ونهضنا معك، واعتبرناهم شهداء لنا ولسوانا، سواء كانوا قاتلين او مقتولين، وسواء كانوا أبناء جلدة او اخصاما او أعداء.

لقد دفنّا الماضي ولم نترك منه الا العبرة والدرس لبناء المستقبل.

لقد دفنّنا قتلانا ونهضنا، يوم تمت المصالحة التاريخية في الجبل، ودفنّنا مع الماضي مفردات الكراهية واستبدلناها بمفردات الشراكة واستبدلنا الفراق والشقاق، بالوفاق والمحبة.

لم نترك من اثار الجرح الا وشما يذكرنا بما تخلفه الحرب ومفرداتها من الم الجروح.

لقد دفنّنا قتلانا ونهضنا يوم عدنا نجسد العيش المشترك، والحرص على الخير للاخر بل والخوف عليه كما خوفنا على أنفسنا ويوم أعلننا كل من مات شهيدا مهما كانت قضيته، وايا كان شعاره، متفهمين بعقل منفتح كل دوافعه وظروفه ويوم اصبح قصر المختارة صرحا للتلاقي مزروعا بين كنيسة المختارة وجامع شكيب إرسلان، كما الجسر يصل بين الإخوة.

لسنا وحدنا يا وليد جنبلاط من دفننا قتلانا ونهضنا، بل فعل الكثيرون من كل انتماء ودين وحزب وطائفة وعقيدة

لقد دفن هؤلاء جميعا كل القتلى ونهضوا يسيرون بثقة نحو مستقبل واعد، يدا بيد مع من ألبسته كوفية الوطنية والعروبة وفلسطين
وها هم جميعا في لائحة يفخر تيمور جنبلاط انها تضم من قاتلوا كالرجال، وتصالحوا كالرجال.

انهم من وصل صوتك وصدى صرختك الى ضمائرهم وقلوبهم. اما من تبقى ممن لم يصل نداوءك الى باطن عقولهم وعمق وجدانهم، مع انهم ليسوا ابطال حرب ولا شركاء مصالحة، فلم يجدوا ما يردون به على قولك المأثور الا الإمعان اما في ادعاء شرف بطولة لم يشاركوا في صنعها، او العزف على وتر عداوة لم يكونوا طرفا فيها.

أيها المدعون ما ليس لكم لا تلتصقوا بجدران زنازين الماضي.

حطموا قيودكم وادفنوا حقدكم لتنهضوا.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم وهيب فياض

جنبلاط يهادن مجدداً وينعي اتفاق الطائف

أيها المعلم المشرق علينا من عليائك

نزار هاني: أرزتك أطول من رقابهم!

ما وراء خطاب العرفان!

عن الفتح المبكر للسباق الرئاسي: قتال بالسلاح الأبيض والأظافر والأسنان!

عهد القوة ام العهد القوي؟

من موسكو: تيمور جنبلاط يجدل حبلاً جديداً من “شعرة معاوية”!

لجيل ما بعد الحرب: هذه حقيقة وزارة المهجرين

حذار من تداعيات إزدواجية المعايير!

عن دستور ظاهره مواطنة وباطنه عفن سياسي!

لا تحطموا برعونتكم أعظم إختراع في تاريخ الديمقراطية!

رسالة من العالم الآخر: من أبو عمار إلى أبو تيمور!

لتذكير من لا يذكرون: تجارب وزراء “التقدمي” مضيئة وهكذا ستبقى!

يحق لوليد جنبلاط أن يفاخر!

تبيعون ونشتري

إنه جبل كمال جنبلاط!

إلا أنت يا مير!

الإصلاحيون الحقيقيون: إعادة تعريف!

مطابق للمواصفات!

خيارات المختارة وتحالفاتها: قراءة هادئة!