الإرهاب يهدد الإسلام في أوروبا

رندة تقي الدين (الحياة)

تحيي فرنسا اليوم بطلا من قواتها الأمنية، ارنو بلترام، الذي سقط ذبحاً على يد مجرم من أصل مغربي يبلغ من العمر ٢٥ سنة، كان قد هاجم متجراً في بلدة تريب قرب كاركاسون وقتل أربعة أشخاص وجرح 15. وكان المجرم واسمه رضوان لقديم، سرق سيارة بعد قتل سائقها والراكب إلى جانبه. وارتكب جريمته صارخاً «الله اكبر».

معظم الشهود الذين عاينوا ما حدث في البلدة التي لا يتجاوز عدد سكانها الأربعة آلاف شخص، نقلوا عن المهاجم هذه الصرخة التي ألصقت في ذهنهم صورة الإسلامي المتطرف. وقال لقديم أيضاً إنه جندي في «داعش». فهذا الإرهابي الذي كان ملاحقاً من القوات الأمنية الفرنسية لم يتم توقيفه سابقاً لان الامن الفرنسي لم يعتبر انه انتقل الى التنفيذ لأي عمل ارهابي. وهؤلاء الإرهابيون الذين ارتكبوا جرائم باسم الاسلام والذين استخدموا آيات قرآنية لقتل الأبرياء في مدن أوروبا، في باريس ونيس ومارسيليا وكاركاسون وفي بلجيكا واسبانيا وبريطانيا وألمانيا معظمهم من الهجرة المغربية التي تمركزت في ضواحي العواصم الاوروبية الكبرى ويمثلون الخطر الاكبر على مسلمي أوروبا المعتدلين والمسالمين الذين يساهمون في بناء مجتمع اوروبي راقي وعلماني.

هؤلاء المجرمون الذين يدخلون الدول الاوروبية التي فتحت لهم ابوابها وحدودها يجبرون هذه الدول على اغلاقها والتشدد ازاء هجرة بريئة ومسالمة تدفع ثمن من دخلوا للقتل والإرهاب. ان الاوضاع في الضواحي الفرنسية وغيرها من الدول الاوروبية تعاني من مشاكل وبؤس اجتماعي وبطالة مزمنة. وتغلغل الاجرام والتطرف سهل فيها. وامن الضواحي بدأ يتحول الى اولوية اهتمامات الحكومات الفرنسية منذ بدأت تشهد فرنسا عمليات ارهابية كارثية. فهذا لم يبدأ فقط مع داعش ولكن في منتصف التسعينات وقعت عمليات ارهابية في المترو الباريسي ولم يكن بعد هناك حرب في سورية. تفاقمت المشكلة مع تجنيد داعش للعاطلين عن العمل والذين يدعون الاسلام و يعيشون في دول ديموقراطية تحترم حقوق الانسان وهم يستفيدون من حرية غير متوفرة في دولهم. لكن هؤلاء الإرهابيين لا يعرفون معنى الدين ولا الاسلام ولا حقوق الإنسان وهم أكبر خصوم للإسلام.

وعلى المسلمين الفرنسيين أن يدينوا بقوة هذه الجرائم وعليهم أن يضمنوا أمن محيطهم إذا كانوا من سكان الضواحي. وعليهم أن يتعاونوا مع المسوؤلين المحليين عن الأمن لملاحقة الشباب والشابات الذين يخططون لضرب الأبرياء أينما كان ويكفرون باسم الإسلام والله. بعد سقوط القتلى في كاركاسون كان يجب أن نسمع أصوات العالم الإسلامي للتنديد بمثل هذه الجريمة الكريهة والعمل الأعمى. كما أن البطل الذي تحييه فرنسا اليوم ورئيسها إيمانويل ماكرون يستدعي حضور مجلس السفراء العربي والعالم الإسلامي بأسره ممثل في هذه المناسبة لتعزية الفرنسيين باسم الشعوب المسلمة. إن الكولونيل بلترام البطل الراحل سقط لأنه أراد إنقاذ مُحَاسِبة المتجر التي كانت رهينة بيد المجرم رضوان لقديم ووضع نفسه مكانها فذبحه المجرم بالسكين الذي كان يمسكه. وقد أمضى بلترام ثلاث ساعات ونصف الساعة في المتجر مع قاتله وفق رواية مدعي الجمهورية. هذا الجندي البطل الذي تكرمه فرنسا اليوم كان يقول وفق والدته إن وطنه قبل كل شيء وقد قتل لإنقاذ أهل بلده.

عقيدة مجرمي الهجرة المغربية في أوروبا تستخدم الإسلام الذي تجهله كلياً وتكفر باسمه وتجعل منه فزاعة في المجتمعات الغربية الراقية التي أصبحت تنظر إلى الإسلام بحذر ويقظة. فعلى المسلمين والدول الإسلامية أن تبذل جهوداً كبرى كي تظهر الاعتدال وتدين التطرف بكل أنواعه.

اقرأ أيضاً بقلم رندة تقي الدين (الحياة)

أوبك أم أميركا أولاً؟

ترامب وسعر النفط

بوتين استعاد الإمبراطورية عبر سورية

المحكمة الدولية ومستقبل لبنان وسورية

مستقبل سورية في يد روسيا

إيران ليست كوريا الشمالية

انتخابات لبنان وتحديات المنطقة

استحالة تعديل سياسة إيران في المنطقة

الكذب سمة أنظمة سورية وروسيا وإيران

بوتين بين عبئي الأسد والنظام الإيراني

مطلوب وقف الجرائم في سورية

التغيير ضرورة في لبنان

فخامة دافوس وبؤس الشرق الأوسط

تحدي الاستياء الشعبي الإيراني لفساد النظام

حل الدولتين غير قابل للعيش

الأسد لخدمة بوتين

هل بدأت دورة ارتفاع سعر النفط؟

إيران وسورية مولدتا الإرهاب

الحرب السورية بين ماكرون وترامب وبوتين

إيران وإسرائيل وتخريب المنطقة