القانون المسخ والنفاق المدمّر

محمود الاحمدية

من خلال ما نقرأه ونراه ونسمعه… وخاصة ما نقرأه يتجلّى قاسم مشترك لأغلبية ما يندلق عليه الحبر هو النفاق والوعود والأحلام الوردية!
لا يمكن أن تخدع القارئ مهما بلغت من الذكاء كمعلن وككاتب… فالكذب مواسم ومواسم الانتخابات تضج بهذه الصفة المهضومة!!

الكلمة الحرة لها رائحة ذكية مهما طُمست يصل إلى الأنوف عبيرها، والكلمة المأجورة لها رائحة غير ذكية تزكم الأنوف حتى ولو كانت مريضة بالرشح والزكام…

ومهما زوّقنا الكلمة المحلاّة بالألوان، وحلّيناها بالأصباغ، فإن أنف القارئ أو الناخب يفرق بين رائحة الضمائر ورائحة الجيوب… بين كلمات مكتوبة على الورق، وكلمات مكتوبة على دفاتر الشيكات…

وفي كل بلد من البلدان فرقة تطبل لكل حاكم، وتزمر لكل مسؤول، تسمّي الأخطاء مآثر وتطلق على الخطايا وصف المعجزات، إذا عطس الحاكم قالت “يرحمك الله” وإذا مرض قالت “شفاك الله” وإذا دخل الحمام قالت له “نعيماً” وإذا خرج من الحمام قالت “شفيتم”.

مئات العناوين يطلقها المرشحون وتحتار من هذه الغزارة في القريحة وهذه الرؤيا المستجدة والوعود التي تشتي مَنْ وسلوى!

لغة الكذب ماشية… وقانون انتخاب مسخ أحجية لا راس له… قانون يشجع على الخيانة بفضل الصوت التفضيلي… حتى رفاق اللائحة الواحدة يتطلعون ببعضهم ويبتسمون والسكين من الخلف تلعب دورها…

يا محلى قانون الستين حيث يحق لك أن تختار وتشطب وتفرض صوتك، أما في هذا القانون الغريب العجيب الصوت التفضيلي لملاكك الذي تحبه لا قيمة له إذا لم يكن من اللائحة التي اخترتها وإذا اخترت الصوت التفضيلي بدون اختيار اللائحة فحكماً يحسب صوتك التفضيلي وغصب عنك تحسب اللائحة بأكملها! وإذا صوت لصوتين تفضيليين فلا يحسبان ولكن تحسب اللائحة…

يعني “ماكو رأي”… والحاصل الانتخابي كذبة كبيرة لأنه يفرض تأليف اللوائح أي معركة على كل مقعد في اللائحة والقطاع المدني خير شاهد على هذه الزحمة المرعبة وهذه النرجسية التي منعت توحيد اللوائح المفروض أن تجسد الأمل فإذا هي عدة لوائح وبعضهم ركب موجة الأحزاب والتحق بلائحتهم…!

مثل صغير: منظمة الغرين بيس أو السلام الأخضر أعظم مجتمع أهلي بيئي وتجمع بيئي في العالم لا تطمح إلى إيصال نائب واحد إلى مجالس نواب الدول لسبب بسيط هو أن مساحة نضالها لا حدود لها وبلا ضغوطات السلطة لذلك فهي تشكل حالة عالمية ضاغطة على الدول حكومات ومجالس نواب كي تقوّم الاعوجاج إذا وجد طبعاً بالبُعد البيئي واحد أهم نشاطاتها النضال من أجل بيئة أفضل وعلى كل الأصعدة… هي منظمة بيئية متحررة لا سلطان عليها ما عدا سلطان الضمير لحماية الكوكب من التعديات عليه وعلى موارده…

كثيرون يسألونني مشكورون: لماذا لم تترشح؟؟… قسماً بالله وبكل مصداقية الدنيا… لم أترشح لسبب بسيط إيماناً مني وبكل تواضع القطاع الأهلي البيئي مساحة نضاله مفروض أن تكون خارج السلطة حتى وعبر حريته وحرية إرادته يستطيع أن يقول كلا ولا يراعي ظروف ولا خواطر ولا محرمات! هكذا هو القطاع المدني في الدول الديموقراطية المتقدمة…

لذلك ومن خلال ما نراه على الأرض يعزّ علينا أن نرى هذا التشرذم وهذه “الأنا” الغير مبرّرة تدمّر كل الأماني والآمال…

نعم السلطة فاسدة وفاسدة جداً وروائح الصفقات ملأت كل الفضاءات وعنصر المحاسبة مفقود وجبال من المشاكل والمصائب تملأ كل الساحات وكان بودّنا أن يأتي الخلاص على يد القطاع المدني ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن! ولن أزيد!…

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة