شكوى من تداخل في الصلاحيات ومن تجاوز «حدود السلطة»

د.ناصر زيدان (الانباء الكويتية)

تكررت في المدة الأخيرة الشكاوى من تداخل في صلاحيات بعض السلطات المستقلة.

ومن تجاوز لحدود السلطة في بعض المرافق العامة.

وقد خرجت الاعتراضات الى العلن، وكادت ان تحدث أزمة لها طابع دستوري، بعد الصرخة التي اطلقها مجلس القضاء الأعلى، والتي رد فيها على كتاب وزير العدل سليم جريصاتي، الموجه الى المجلس.

وهناك اعتراضات متعددة من بعض المؤسسات العامة والبلديات على ما اطلقوا عليه «تجاوز حد السلطة» او اعتداء على صلاحيات، أعطتها القوانين للسلطات البلدية المستقلة، أو للمؤسسات العامة التي تتمتع بالاستقلالية المالية والادارية.

والاتهام موجه في هذا السياق الى مرجعيات دستورية، أو رئاسية، وأحيانا أخرى موجه الى وزارات مختلفة، لاسيما منها «الوزارات السيادية» ويشمل الاتهام بعض المؤسسات العامة الكبرى، والأجهزة، والمجالس والصناديق، على خلفية الدعم السياسي وغير السياسي الذي تحظى به هذه الوحدات.

تحدثت مقدمة الدستور عن فصل السلطات وتعاونها في الدولة، وتحديدا بين السلطة التشريعية المناطة بمجلس النواب، والسلطة التنفيذية المناطة بمجلس الوزراء، والسلطة القضائية التي يمثلها مجلس القضاء الاعلى، حتى ان القضاة كأفراد لهم حيثياتهم الخاصة التي لا تخضعهم للتسلسل الرئاسي، ولكل منهم كيانيته المستقلة، لأنه يصدر بمفرده – او عبر هيئة المحكمة – الاحكام باسم الشعب اللبناني، وليس باسم الدولة أو باسم أي وزارة فيها.

وعلى الجهة المقابلة، فإن شكاوى البلديات متعددة عن طغيان السلطة التنفيذية بوزاراتها المختلفة – خصوصا دوائر وزارة الداخلية – على صلاحيات هذه البلديات التي أعطاها القانون رقم 118/77 صلاحيات محلية واسعة، واعتبرها هيئات محلية منتخبة، وتتمتع بالاستقلالية.

ومن القضايا التي تعترض عليها هذه البلديات، معاملتها كأنها أجهزة تابعة لدوائر وزارة الداخلية، ومنحها مهام بموجب تعاميم أو قرارات، أو سحب صلاحيات منها بموجب مذكرات ادارية، علما ان القانون يحدد صلاحياتها بالكامل، ولا يجوز توقيف مفاعيل القوانين بموجب مذكرات إدارية.

والأمثلة على مثل هذه الحالات كثيرة – كما يقول رئيس بلدية مخضرم، رفض الإفصاح عن اسمه خوفا من تعرضه للمضايقة.

ومما يقوله عدد من المتابعين لهذه المقاربات التي تضج بها الاوساط الشعبية والسياسية، ان بعض المجالس والصناديق، تتجاوز صلاحيات مؤسسات أخرى وبلديات، في تنفيذ بعض المشاريع من دون التنسيق معها وفقا لما ينص عليه القانون، خصوصا في مشاريع تتعلق بالنفايات والصرف الصحي والمياه والطرق، وفي مجال البناء والإعلانات.

والأمثل على هذه التجاوزات كثيرة، منها مذكرات وبرقيات وتعاميم تتعلق بالبناء الذي ينظم عمله قانون خاص، ومنها قرارات بحسم مبالغ مالية طائلة من مخصصات هذه البلديات من الصندوق البلدي المستقل، لصالح مجالس وشركات مختلفة، دون موافقتها