وحدة الأضداد في شخص كمال جنبلاط!

سليم رضوان

أنباء الشباب

كان للبنان فرصة للخروج من حالته الحالية وقت جاء معلم بشخص كمال جنبلاط الذي آمن أن كل جيل جديد هو شعب جديد وأن التاريخ هو ظل الإنسان على الجغرافيا، فمد زعامته خارج طائفته الدرزية وربط الطائفة الصغيرة بمصائر كبيرة، وحلم بجمهورية أكبر بكثير من حجم لبنان.

حاول مراراً وتكراراً إصلاح النظام اللبناني وجعله نظاماً متقدماً ولكن شراسة المعارضين وتشبث التابعين، منعته من أخذ لبنان إلى الحداثة ومواكبة الدول المتقدمة.

فبعدما شغل المعلم الشهيد كمال جنبلاط المقعد النيابي في عام ١٩٤٣ لم يتقوقع في جلباب الماضي والتقاليد، بل قرر تزعم سائر الطوائف الباحثة عن مكان لها في النظام اللبناني المغلق ضمن اعراف جاحده لأبناء الوطن الواحد.
سعى إلى محو ذاكرة الإقطاع السياسي، وآثر أن يكون الزعيم الإشتراكي المثقف، المتقشف، الموسوعي المنخرط في القضايا العروبية والاشتراكية والأممية والفلسفة اليونانية والهندية، وقراءات بيارد دو شاردن، وأبيات الشعر الصوفي، وأصول الغذاء، وعلاقة النفس بعشبة القمح.

جمع في شخصه وحدة الأضداد، تقليدي إصلاحي، لبناني عربي أممي، عرفاني توحيدي إنساني، زاهد وطموح، رجل عمل ورجل تأمل، وازن في شخصه التناقض بين طموح مثالي وسياسة عملية.
قاد الحركة الوطنية وناد باصلاح سياسي تقدمي، لينقذ لبنان من متاهة الطائفية والمحسوبية، وتحويل لبنان إلى وطن يضمن حقوق جميع ابنائه، فلا تمييز بين مواطنيه، والكفاءة هي السبيل إلى النجاح.

ولكن مأساة كمال جنبلاط انه واجه دائما واقعا أضيق من طموحه، وفِي ذروة تبرئه من النظام اللبناني وحراسه الموارنة شد حبال الحقيقة حتى انقطعت. اذ مثّل موجة صاعدة بين الرفض والغضب وانعدام الصبر تجاوزت حدود لبنان وهددت توازنات ومعادلات محلية وعربية.

فكانت يد الغدر بعدما ان رفض أن يدخل في السجن العربي الكبير، وآثر ان يعبر جسر الموت الذي يهدف إلى احياء الآخرين في محض قضيتهم قوة الانتصار مع الزمن.

واليوم يطل علينا تيمور جنبلاط ليمثل جيلاً جديداً اي شعب جديد، ويداً بيد نحو وطن المساواة والعدالة والحريات من أجل مواطن حر وشعب سعيد.

(أنباء الشباب، الأنباء)