تراث كمال جنبلاط: التنوع والبعد الإنساني…

منير بركات

في ذكرى استشهاده، تتكرر عملية استحضار الاسترشاد والتجديد والتجدد في فكر الشهيد كمال جنبلاط القائم على التقدم وتجاوز الحتميات السلبية الحادة والتبشير بالجبريات القانونية الإنسانية، كونه احتكم إلى الجدل في اكتشافاته وتحليلاته ورؤيته ومن موقعه الثائر والحالم، والتي تجسدت في شخصيته التي تبدو متناقضة في الظاهر بينما هي مترابطة في الجوهر، وهو الذي تميز بإنسجام المتناقضات لا سيما بين الإيمان الديني والعلمانية، وبين الخصوصية اللبنانية والعروبة والوحدة تحت سقف الحرية، ومارس التوفيق بين النظرية والتطبيق، ولم تغيب عنه الثورة والتغيير لحظة واحدة ومن قلب النظام نفسه، كان معارضا شرسا كعناده في الدفاع عن مفهومه حول بناء الدولة المدنية العادلة.

فلسفته الإنسانية كانت تخلق لديه القلق الدائم بين الواقع والمنشود، مجبولة بالحلم الصعب في امكانية تحقيق التوفيق بين الثقافات على قاعدة التنوع ضمن الوحدة الذي ربطها في ضرورة الحرية.

وهو الذي ضحى بنفسه من أجل شعبه بمواقف صلبة تميل إلى الإرادة المرتبطة بالايمان متجاوزا الواقع ط، وهو الذي كان طامحا في تحقيق البرنامج المرحلي للحركة الوطنية اللبنانية، وإذا اردنا مراجعته ترى نفسك بالرغم من التعقيدات الفلسفية تصعب معها الاحاطة بكل تراثه، كأنك تقرأ مقالة او تحليلا يوميا في الاستشراف وفي تبيان حقيقة الكون والتاريخ.

إن السبب الأساسي لاغتياله كان مفهومه للبنان القائم على التنوع والتعدد والعروبة المتساوية والمتمحورة حول القضية الفلسطينية، والوساطة الحضارية لدور لبنان في التسامح الديني والتعدد وليس بلد التعايش الديني المرتبط بالتعصب والحقد وتحول الأديان إلى أحزاب طائفية. لبنان بلد التنوع والتناقض والتفاعل.

لذلك ونحن ننهل من فكره وبحاجة يومية لدفقه في تصويب مفهوم الصراع الذي يحكمه الحوار، نحن بحاجة لحوار الحياة الذي يجعل الاختلاف والتناقض محكوما بتسوية عقلانية منسجمة تكرس التنوع بعيدا عن الصراع التناحري الذي يلغي الآخر.

لم يمت يوما كمال جنبلاط بقي حيا في شعبه وحزبه وتراثه وارثه ويشكل مرجعا لمعالجة كل المعضلات التي يواجهها الشعب والوطن والتصدي لكل الاستحقاقات من خلال البصيرة المتوقدة بأنفتاح واعتدال في ترجمة الموقف السياسي وبقوة تظهيره الشعبي، وما للنخب الثقافية والعلمية على مدى سيرته، التي تعبر عن مخزونه ببعده الانساني والوطني والعروبي.

*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية

اقرأ أيضاً بقلم منير بركات

طلّة راقية في ذكرى مولده

لن يتمكنوا من تغيير هوية الجبل ووجهه

التحذير الفرنسي للبنان شبيه بتحذير السفير الفرنسي قبيل اجتياح 1982!؟

مفهوم الدولة وشروط تكوينها 

مكامن الخلل في تجزئة الحرية؟

أهل التوحيد والتاريخ المجيد… غادروا الماضي واصنعوا المستقبل !؟

الألفية التاريخية للموحّدين الدروز

تحفّزوا بالقامات الكبيرة يا حديثي النعمة!؟

بعيداً من التبسيط.. البلد على حافة الهاوية!؟

العقوبات غير المسبوقة تصيب مقتلاً في النظام الإيراني

الموحّدون الدروز: المخاوف من إطاحة الوطن

مبادرة “التقدمي”: خطوة متقدمة لحماية الحريات العامة

على الرئيس المنشود ممارسة القمع لكي يكون مرشح الناخب الأول!؟

تلازم الفاشية مع الطائفية ومأزق الحكم

أين المصير الواحد والبلد الواحد واللغة الواحدة من كل هذا؟

المطلوب وقفة موحدة ضد النظام!

الشعوب ضحية الأطماع الدولية والأسد فقد دوره الأقليمي

بلورة المشروع الوطني المعارض

رسالة الى رئيس الجمهورية

الاطاحة بالطائف يعيدكم الى حجمكم!؟