23 عنواناً طرحها تيمور جنبلاط من خارج “العصفوريّة الإنتخابية”!

بدت حلقة برنامج كلام الناس مع مرشّح الحزب التقدمي الإشتراكي في دائرة الشوف – عاليه تيمور جنبلاط سريعة. أو هكذا بدت على الأقل بالنسبة لثلاث شرائح من المجتمع اللبناني هي: محبّوه بالفطرة من “الإشتراكيين” بالروح والفكر والدم. الشغوفون بالإستماع لمشروع زعيمٍ وطني واعد، قد يكون من صنف رجال دولة النادر الذي تعلّق عليه الآمال بمستقبل أفضل للبنان. والفضوليون لاكتشاف هذا الرجل الذي قُدّر له سلفاً أن يكون أحد الأرقام الرئيسية في المعادلة السياسية اللبنانية بالمدى المستقبلي القريب، إن لم يكن من الأرقام الأصعب بينها، تماماً كما هو والده النائب وليد جنبلاط، وكما كان جدّه المعلم الشهيد كمال جنبلاط.

إنتهت الحلقة وعشرات الآلاف مسمّرون أمام شاشاتهم ينتظرون المزيد. وكما شغلهم تيمور جنبلاط قبل بدء الحلقة وأثناء عرضها، شغلهم بعد انتهائها. فظلّت مواقع التواصل تعجّ وتضجّ بوابل من التعليقات على ما صدر منه وعنه، شكلاً ومضموناً.

ورغم أن إطلالته التلفزيونية الأولى هذه كانت أصعب امتحاناته في حضرة الممتحِن الأصعب، إلّا أن تيمور جنبلاط بعفويّته وذكائه وشفافيّته الإستثنائية، إستطاع أن يُخرج نفسه من إطار “عصفورية الإنتخابات” كما أسماها، ليعلن بين السطور عناوين رئيسية مهمّة جدّاً لما يمكن أن يشكّل برنامجه الإنتخابي.

في السياسة الإقتصادية والإجتماعية 
بدا واضحاً استحواذ هموم الناس على عقل تيمور جنبلاط ومنطقه، وفي هذا المجال برزت العناوين الآتية:
1. ملفّ النفايات: في رأس القائمة في برنامج تيمور جنبلاط الإنتخابي، ومعه طبعاً كتلة “اللقاء الديمقراطي” التي من المفترض أن يرأسها. النفايات أولوية الأولويّات، “لأنها تهدّد صحّة الناس”، وهي الأساس.
2. ملفّ الكهرباء. لم يخشّ تيمور جنبلاط تأكيده عدم قانونية مناقصة البواخر. وقد رسم خارطة طريق، بل أساساً مهمّاً جداً لرؤيته التشريعية حينما قال “ينبغي لنا ألا نستمر بالتفكير بمواسم الإصطياف وحدها، بل أن نعمل لحلول مستدامة وطويلة الأمد”، مشيراً إلى مسألة الطاقة المتجدّدة. هو عنوان آخر قد يتحوّل إلى مشروع قانون تقدّمه كتلته للمجلس النيابي.
3. مشروع قانون الايجار التملكي. طرحٌ يجسّد اهتمام تيمور جنبلاط الإستثنائي بموضوع السكن، وطموحه بألا يبقى شاب لبناني بلا بيت.
4. التوجيه التربوي للشباب استناداً إلى حاجات سوق العمل. “توجيه الشباب الى التخصص حسب حاجات سوق العمل والاستثمار اكثر بالتعليم المهني والتقني””، كما قال.
5. تخفيض الضرائب على القطاعات المنتجة لا سيما الزراعة والصناعة.
6. رفع يد السياسيين عن الادارة وتكريس مبدأ الكفاءة في الوظائف العامة. رسالة تيمور جنبلاط في هذا المضمار أتت مدوّية في أكثر من مجال. فهو أعلن أن المعيار الأهم للتوظيف عنده هو الكفاءة، قبل أن يعلن عن شعوره بالغياب التام للدولة عندما يزوره الشباب طالبين منه خدمات توظيفية! عنوان آخر يوقظ الأمل بتيمور جنبلاط المشرّع، الطامح لتغيير الواقع انطلاقاً من حاجات الشباب ولأجلهم، لأجل لبنان.
7. دعم مشروع قانون حق الأم اللبنانية بمنح جنسيتها لأولادها. عنوانٌ متقدّم في مجال حقوق المرأة اللبنانية، إلى جانب دعمه المرتقب للمرأة في السياسة، بعد اعترافه بأن عدم وجود سيدة على لوائح “التقدمي” هو نقطة سوداء في سجلّه. وبالمناسبة فقد واكبت النساء التقدّميات، الحزبيات والمنضويات تحت لواء الإتحاد النسائي التقدمي هذه العبارة بإطلاق وسم #نقطة_بيضا كتعبير عن تقديرهم لهذا الموقف.
8. التصويت لصالح مشروع قانون الزواج المدني الاختياري.
9. تطوير التعليم الرسمي والجامعة اللبنانية.
10. متابعة ملف الأساتذة المتعاقدين.
11. إقفال ملف المهجرين، بريح تحديداً.
12. الإهتمام بالقضايا البيئية والحفاظ على التراث اللبناني في العمارة والبناء.
13. خدمة الناس. عبارة ردّدها تيمور جنبلاط بمنتهى العفوية مرّات عدّة. وقد أسس بذلك لـ”حقبة جديدة من النضال” يبرز خلالها دور المختارة في إطار خارج عن نمطيّة الأحكام، حيث تصبح الزعامة تكليفاً لخدمة الناس كما كان يقول جدّه المعلم الشهيد، وليس تشريفاً وفوقيّةً واستغباءً للناس كما يفهمها بعض اللاهثين خلفها لقباً!

في السياسة الوطنية
14. إعادة إحياء مشروع جدّه المعلّم الشهيد كمال جنبلاط وحلمه بلبنان الحر الديمقراطي. عهدٌ ووعدٌ قطعه تيمور جنبلاط أمام الناس في الذكرى الواحدة والأربعين لاستشهاد جدّه، كواحدٍ من عناوين برنامجه الإنتخابي.
15. إلغاء الطائفية السياسية، وإنشاء مجلس الشيوخ وفقاً لاتفاق الطائف.
16. التأكيد على المصالحة. وهنا لم يتردّد تيمور جنبلاط في التعبير عن موقفه الصريح من الحرب، مشدداً على افتخاره بالمصالحة. وهذا الأمر إن دلّ فعلى أن الوحدة الوطنية والعيش المشترك سيكونا السقف الأول والأخير لنشاطه السياسي، ما يمكن اعتباره عنواناً آخر أمنياً في برنامجه الإنتخابي.
17. فصل النيابة عن الوزارة.
18. التوجّه نحو العلمانية في الدولة. رسالة مرّرها تيمور جنبلاط على طريقته حينما قال: “سأربي اولادي على حب الآخر والعلمانية وان الدين موضوع شخصي بين الانسان والله”. كما يعرف تيمور جنبلاط مسؤوليته تجاه أولاده، هو يدرك حتماً حق مسؤوليته التشريعية تجاه اللبنانيين. عنوان آخر مرّ بين السطور.. على طريقة تيمور.

في السياسة الإقليمية والدوليّة

وردت السياسة الإقليمية والدولية على لسان تيمور جنبلاط بوضوح تام، حيث أكد حتمية ونهائية العداء مع إسرائيل حين قال “لن أزور فلسطين ما زالت تحت وطأة الإحتلال الإسرائيلي”، مشدداً على أهمية الإتفاق على الدولة المقاومة والمجتمع المقاوم. وفي هذا الإطار، برزت العناوين الآتية:

19. التأكيد على العداء التام لإسرائيل.
20. التأكيد على حق لبنان بالمقاومة المسلّحة والثقافية
21. الإلتزام بالقضية الفلسطينية والدفاع عنها.
22. الحفاظ على علاقات جيدة مع كافة الدول عربياً ودولياً.
23. مقاربة ملف النازحين بالمزيد من الشفافية.

ثلاثة وعشرون عنواناً وردت في حلقة تيمور جنبلاط. غلّفها بتواضعه الكبير وخجله المحبّب من حين لآخر. لكنّ التمعّن فيها يظهر مقداراً كبيراً من الوعي والمسؤولية، وحنكة غير مستغربة في تمرير رسائله السياسية والإنتخابية بأسلوب السهل الممتنع، ودون أن يرهق المشاهد بشعارات طنانة رنّانة تلامس الخيال غير القابل للتطبيق، كما يفعل سواه.

ساعتان من الوقت المتقطّع ليستا كافيتيْن حتماً للحكم عليه، لكنه وقتٌ كافٍ لندرك بأن فهم تيمور يستدعي البحث بين السطور.

غنوة غازي – “الأنباء”