في ذكرى استشهاده: المعلم قامة فكرية تسكن الزمان والمكان

محمود الاحمدية

16 آذار موعد مع القدر يختصر في طياته تاريخ أمة… واحد وأربعون عاما” مضت على رحيله … والرصاصات الغادرة التي اصابته على ذلك الكوع المشؤوم ستبقى دائماً وأبداً نواقيس ذكرى تخترق العقل والقلب والضمير… ويبقى فكر المعلّم المنارة التي تسكن باقتدار وإبداع كل مساحات المكان والزمان في حضارة البشرية جمعاء…

من بحر أفكاره وإيمانا” بكل حكمة قالها وفي مختلف نواحي الحياة، أحببت ان أختار لآلىء ستبقى مضيئة في حياة الشعوب وبالبعد الكوني الشامل، فهي تستقرىء قادم الأيام وما يجري حاليا” وفي هذه اللحظات المفصلية من تاريخ الوطن العربي عامة واللبناني خاصة، يتطابق في كثير من رؤياه وأفكاره التي اطلقها قبل ستين عاماًمع الحالة والواقع المرئي الذي يعيشه العالم العربي بشكل عام واللبناني بشكل خاص.

قال في القومية والعروبة:

  • القومية ليست ظاهرةٌ مرضيّة، القومية المتطرّفة هي ظاهرة مرضية.
  • أَلم يحن للعرب أن يدركوا قوّتهم الفعليّة النامية الاقتصادية والمالية والسياسية المتطورة ؟ ألمْ يحن للعرب أنْ يتحسّسوا أنّهم يستطيعون أنْ يلعبوا دورا” رئيسيا” في قيادة وتوجيه العالم الثالث؟
  • صحّحوا تاريخ لبنان المزوّر: لبنان إمارة عربية مستقلّة قامت على هذا الشاطىء منذ اثني عشر جيلاً.
  • لو لم يظهر العرب على مسرح التاريخ ، لتأخّرتْ نهضة اوروبا الحديثة عدّة قرون…
  • ان الشعوب العربيّة ومنها شعب لبنان تنزع بطبيعة تكوينها الاجتماعي واحتمالات اتّجاهات التطوّر إلى تحقيق الوحدة فيما بينها .
  • القومية يجب أن تقوم على أساس المحبة والخير الشامل والتّسابق على المساهمة في البنيان العلمي والحضاري .
  • القومية هي شعور الجماعة بأنّها جماعة أي تتميّز ببعض مالها من صفات مشتركة ، عن جماعات أخرى تعيش بالقرب منها أو تتّصل بها أو لها معها علاقات مادّيّة ومعنويّة تبرز مظاهر التّمييز والفروقات المعاكسة .
  • إن القومية الصحيحة هي القومية المعلمنة الى حدّ الإيلاف ما بين كافّة المتّحدات الاجتماعية والمتشكّلة في أحزاب سياسية ديمقراطية، حرّة يكون فيها العقل المبدع حرا” على إطلاقه ، وتصان فيها إرادة الرأي بموازاة إرادة القانون .
  • يجب أنْ لا تكون القومية إداةُ انْكماش أو عزلة أو قطبا” مثيرا” دائرا” على نفسه ، متحجّبا” ومنزويا” في أنانيّة ذاته ، بل وسيلة أخرى للإلتقاء مع الآخرين، للإنفتاح على هويّتهم وماهيّتهم ، للإنسجام في حياتهم ، للإسهام في عيش الجماعات كلّها القاطنة فسحة هذه الأرض الصغيرة التي أصبحت تضيق كلّ يوم بساكنيها.

وقال في الحضارة:

  • إنّ خطر الحضارة على الإنسان أكبر بكثير مما يتصوّره الناس العاديّون .
  • شعار هذه الحضارة التي يقودها رأس المال هو الكثير من المال والقليل من الفرح .
  • الآداب ومفاهيم النزاهة والصدق والشرف هي من أرقى تعابير وأشكال الحضارة .
  • الحضارة الخارجية ليست بحضارة . لا ينفع الانسان أن يكون متمدنا” متحضرا” في خارجه، بل عليه أن يكون متحضرا” متمدنا” في داخله .
  • الإنسان لم يوجد ليكون غرضا” وعبدا” للحضارة ، إنّما وجدت الحضارة ونمت وتطوّرت لأجله، أو على الأقل هكذا يجب أن تكون .
  • إن العبقرية هي التي تخلق الحضارة، وليست الحضارة التي تخلق العبقرية، أي الشخصية المبدعة … والحضارة إنما توفر فقط ظروف ولادة العبقرية .
  • كلّ حضارة ضمرت واضمحلّت عبر التاريخ، كان فيها للتّرف والتهالك على التّلذّذ والتّلهيّ والإسراف حظّ في إستعمال هذا الهدْم والاضمحلال .

قال في الديمقراطية:

  • الديمقراطية السياسية لا تقوم ولا تتحقق بدون تعدّد الأحزاب في المجتمع الواحد، وإلا فكلّ شورى باطلة وكلّ انتقاد يبقى منحصراً ومحدوداً وغير قادر على الإفصاح والإسترسال خوفا” من عقوبةٍ وخشْية من قطع رزق.
  • الديمقراطية تفاعل وربّما صراع بين القائد وبين الجماعة في سبيل التوجيه الأفضل.
  • الديمقراطية الحقيقية هي السلطة المرتبطة بالشعب وليس حكم الشعب بواسطة الشعب، وهي صيغة أقرب إلى الخرافة والوهم منها إلى شيء آخر.
  • التنظيم الحزبي بالنسبة للشعب هو كالهيكل الفقري بالنسبة للجسد.
  • يجب اعتبار الديمقراطية نظام شورى وحكما” للقانون يقوم على روح المسؤولية وتوزيع الصلاحيات ويتساوى فيه جميع المواطنين إلى أيّة فئة إجتماعية وإلى اية عائلة روحية انتسبوا.
  • ان حامل الرسالة الحزبية يجب أن يكون في مستوى الرسالة أولاً… ثم عليه أن يتعدّى جدران البنى والصور الفكرية الإيدولوجية باستمرار، ليتواجد مع الإنسان وحقيقته مع الكشف عن هذه الحقيقة في كلّ مكان من ذاته وفي كلّ منحنى ومنعطف وزاوية من محيطه وبيئته.
  • الإنسان ، فيما هو عليه ، هو إتصال، لا إنفصال عن الماضي لأنّه نتيجة ذلك الماضي والحضارة، بما فيها الاخلاق والقيم الروحية، ليست نكرانا” لما فات ورفضا” لما مضى ، بل امتداد لما سبق وتطوير لنا نتلبس به من تاريخنا وماضينا .

اعتذر عن الإطالة واكتفي بذلك، إنّها ورود قطفتها من بستان كمال جنبلاط العابق بألف لون ولون … هي هديّةٌ متواضعة لكلّ رفيق ورفيقة في صفوف الحزب التقدمي الاشتراكي … هي هديّةٌ متواضعة لكلّ الرّفاق في الأحزاب الأخرى، لعلّها تحيي الذاكرة وتعيد للحوار معنىً وللرقيّ معنى ولمجد الوطن معنى، ولرفعة الإنسان معنى .

كل هذا يجعلنا نقف أمام المسؤولية الأخلاقية لدور الإنسان في حماية هذا الكوكب، وأهمية اتخاذ القرارات السياسة الحازمة أمام المشروعات الاقتصادية، وتنمية الثقافة البيئية لدى الأجيال الجديدة، وهي مسألة حيوية تقع فى صلب أمانة العمران التى حملها الله للإنسان، واستخلفه النهوض بها، وإنشاء العمران ونشر الخير والجمال فى ربوع الأرض.. وصدق الله العظيم إذا يقول فى كتابه الكريم “هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها”.

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة