قيادتان تاريخيتان في رجل واحد
منير بركات
13 مارس 2018
يتبين للمراقب بأن إحياء ذكرى الولادة وذكرى الشهادة هي ميزة قل نظيرها وندر مثيلها حتى لكبار الزعامات والفلاسفة في التاريخ، وأصبحت جزء من الثقافة المتلازمة مع شخصية كل مواطن، وهو على موعد ثابت مع المناسبتين وبتلبية تلقائية بعيدا عن التعبئة المفتعلة مما يؤكد بأن الشهيد الكبير المعلم كمال جنبلاط ما زال حيا، يسكن ضمائر المثقفين والفقراء وكل المناضلين الوطنيين الشرفاء الذين ما زالوا ينهلون من فكره سلاحا لمواجهة الواقع والعمل الدؤوب من أجل التغيير وبناء دولة مدنية حديثة.
لا شك بأنه في كل مناسبة نحاول أن نتناول جانب من شخصيته التي لا يمكن الإحاطة بها وإعطائه حقه لما يتوفر بتكوينه من ظاهرات متنوعة يجمع بها المتناقضات الذي يسحبها بدوره الى الحياة ويظهرها في المجتمع وهذا ما تبين بمحاولاته الحثيثة في نقل مكونات شخصيته على الترجمة السياسية والفلسفية.
إن المعلم الشهيد بالرغم من انه كان معاديا للطائفية بشكل عام وللصيغة الطائفية التي يقوم عليه النظام اللبناني، فإنه كان حريصا على تأكيد زعامته التاريخية للطائفة الدرزية بإسم عائلته الحنبلاطية العريقة المتوارثة فيها الزعامة ابا عن جد. وكان استناداً الى قيادته التاريخية لطائفة الموحدين الدروز، واستناداً الى قيادته التاريخية للحركة الوطنية اللبنانية، كان كمال جنبلاط بقوة زعامته لمشروع التغيير الديمقراطي، يزاوج بين القيادتين بدقة عالية ويغلب بأسلوبه نقاط التقاطع بين القيادتين، مجاهراً بموقفه المبدئي ضد النظام الطائفي والمحاصصة الطائفية التي يقوم عليها النظام والتي تعيق تطور لبنان وتنتج الانقسامات وتهيئ الشروط لتكرار الحروب الأهلية. لكنه كان بالمقابل يحرص على احترام التقاليد والشعائر الدينية الخاصة بالموحدين الدروز ولا يسمح بتحديها وكان يمارس طقوسه الخاصة المرتبطة بجوهر فلسفة التوحيد.
لقد حمل الشهيد كمال جنبلاط مشروعا وطنياً ديموقراطياً من أجل بناء دولة مدنية حديثة والذي استشهد من اجلها وهو واقفا، لذلك تعتبر وقفة الوفاء الالتزام بمشروعه الوطني وبإعادة احيائه.
*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية