الصوت الأرمني “بيضة قبّان”… من أكبرُ المستفيدين؟

يُظلَم الأرمن الأرثوذكس والكاثوليك في لبنان متى صُنَّفوا في خانة “الأقليات” الناخبة، حيث إن 107116 صوتًا يمكن أن يبدّلوا كل المعادلات ويخلطوا كلّ الأوراق في قانون جديدٍ يفرض على كلّ لائحة أن تسعى إلى رفع حاصلها الانتخابي ما استطاعت لتحصد العدد الأكبر من المقاعد، قبل أن ينطلق السباق على الصوت التفضيلي.

في القانون المختلط يكتسب الصوت الأرمني، الذي كان في قانون الستين يشكل رافعةً صريحة في دائرتين صريحتين هما المتن وبيروت الأولى، أهمية قصوى تتجاوز دور الرافعة، بحيث يبدو التحالف مع الأحزاب الأرمنية في دوائر ثلاث استراتيجيًا لأي فريق سياسي: بيروت الأولى حيث الأكثرية الساحقة، المتن، وزحلة.
تتوزّع المقاعد الأرمنيّة برمتها حسب التقسيمات الجديدة على: دائرة بيروت الأولى ثلاثة مقاعد أرمن أرثوذكس ومقعد أرمن كاثوليك؛ المتن الشمالي مقعد أرمن أرثوذكس؛ وزحلة مقعد روم أرثوذكس، لتكون المحصّلة ستّة مقاعد من أصل 128 نائبًا.
قبل الغوص في التحالفات السياسية والتوجّهات التي باتت شبه محسومة، نظرة رقميّة سريعة قد توضح أهمية الصوت الأرمني في هذه الانتخابات بالذات. يبلغ عدد الناخبين المسجلين من الأرمن الأرثوذكس في كل لبنان 87611 ناخبًا، وعدد الناخبين من الأرمن الكاثوليك 19505 ناخبين، أي ما مجموعه 107116 ناخبًا. وتقترع الأكثرية منهم في بيروت حيث الأكثرية العددية (43767 أرمن أرثوذكس)، فيما يسجل الكاثوليك نسبة الحضور الأكبر في المتن الشمالي (6343 ناخبًا). أما بعض الدوائر الأخرى فتحتضن أعدادًا طفيفة ولكن مؤثرة في ظلّ القانون الحالي على سبيل المثال: 2580 ناخبًا من الأرمن الأرثوذكس في دائرة كسروان-جبيل، و1600 ناخب في دائرة بعبدا، و1091 في دائرة الشوف-عاليه، و1172 في دائرة الزهراني-صور.
وتشير التجارب السابقة إلى أن معظم حلفاء الأرمن يواجهون معضلة أساسيّة معهم تتجسد في نسبة التصويت المتدنيّة، بيد أنّها مرشّحة إلى الارتفاع هذا الموسم الانتخابي. علمًا أن نسبة التصويت في أوساط الأرمن الأرثوذكس سجلت في الانتخابات الماضية 32.6% فيما لم تتجاوز 31% لدى الأرمن الكاثوليك.
على مستوى التحالفات، واضحٌ أن تأثيرها بالنسبة إلى حلفاء الأرمن بات أقلّ حدّةً خصوصًا أن الصوت التفضيلي سيذهب حتمًا إلى مرشّح أرمني، وإن كان دورهم أساسيًا في رفع الحاصل الانتخابي للائحة التي سيتحالفون معها. وتشير كلّ المعطيات المتسرّبة من الدور السياسية إلى أن حزب الطاشناق الذي يحظى بنسبة التأييد الأوسع بين أرمن لبنان لن يغرّد خارج سرب التيار الوطني الحرّ في أي دائرة، وسيكون شريكًا رئيسًا في تكتل التغيير والإصلاح، إلا أن المعضلة تكمن في دائرة المتن الشمالي حيث يقع الأرمن بين “شاقوفين”، لا سيما أنهم حسموا أمر عدم تخليهم عن النائب ميشال المرّ وأوضحوا الأمر للتيار الوطني، وهو ما يطرح علامة استفهام عن مكانية إرساء تحالف بين المرّ والتيار برعاية الطاشناق الذي يبدو أنه ضامنٌ لكلّ مقاعده إلا إذا فاجأته خروق من الأحزاب الأرمنية الأخرى لتفوز بمقعد أو اثنين في بيروت، وتحديدًا الأحزاب الأرمنية المعارضة أو حتى مرشحون من المجتمع المدني.
وفيما يبدو أمر التحالف بين الطاشناق والتيار محسومًا في بيروت والمتن، قد يتعرّض لاهتزازاتٍ في زحلة ركونًا إلى حقيقة أن الأكثرية من الناخبين الأرمن اعتادت التصويت لآل سكاف.

أيام قليلة كفيلة ببلورة التموضع الأرمني ضمن اللوائح لا سيما في المتن الشمالي الذي تتجه كلّ الأنظار إليه من بوابة برج حمود.
رامي قطار- “الأنباء”