هباء

ثائر التيماني

أنباء الشباب

أما الاحداث التّالية فهي من نسج الحقيقة. وأيّ تطابق أو تشابه بينها أو بين شخصياتها والخيال، هو محض صدفة ومجرّد عن كل قصد.

أنطق أيها الأحمق. تفوّه بأيّ كلمة. ما زالت بانتظارك. تنظر في عينيك وتكاد عيناها تدمعان من شدّة الضجر. كلماتك لا معنى لها، ألا يريحك هذا قليلاً ؟

أمسى صمتك خبلاً. قاطعتَها لتتكلم، كان لديك ما تخرجه. فماذا حصل؟

الآن أنت تلوّح بسيجارتك في الهواء، كحامل الرّاية، تحكّ جبينك باستمرار. بحقّ “ڤينوس”، متى استغنيت عن عادة النّظر إلى أظافرك؟ هراء…

ما الذّي يتحكم بالرأس؟
(لو تصمت أنت!)
يبدو توتري ظاهرًا.

تقول: “عم تحاول تطلع بشي مهم؟ ”
أجيب نافيًا.

هي لن تفهم ذلك ولكنّني للحظة شعرت أنّ لكلّ هذا معنى. خفت أن أبادر بالكلام فقط لأدرك أنّني مخطىء أو أن يكون ذلك مبنيًّا على شعورٍ باطل.

بقي كلامها في الفضاء معلقًّا:
“Everything is meaningless.”

كم كنت لأكون ساذجًا لو قاطعتها وقلت: لكل شيءٍ معنى؟
أن تقاطع أحدهم وتعكس كلماته لمجرد أن خطر لك ذلك هو ما يجعلك أحمقًا للأبد.

أشعل سيجارتي الثّالثة.
“تدخن متل مشحرة”، تقول.
أبتسم في حيرة وأشكر آلهة الإغريق على التّخلص من صحبة الصمت.

تقول: “لا شك أنّ الحياة عجيبة. ولكن هلّا أخبرتموني عن السّبب الذي يدفعنا غالبًا للبحث عن معنى؟”

ها أنا أحاول الآن لغير سبب. لمجرد أن قالت سيليا، والّتي عرفت اسمها -صدفةً- من صديقها، أنّ كلّ شيء لا معنى له. (حسب التّرجمة الحرفيّة)

تحرق السّيجارة سبّابتي، فأفلتها. تغرق عيني اليمنى في مائها إثر ذلك.

أحاول إيجاد معنىً. أبحث في صفحات دماغي عن “أنجلتون”… ذهبت قراءته سدىً. ما من شيءٍ ذي قيمة أذكره. يا للآلهة!
بتّ أستخدم تعابيرها!

لماذا أقرأ إذا لم تسعفني معرفتي في موقفٍ كهذا؟
لماذا أقرأ بحق زيوس؟ يخرج الصّوت الآن.

بعد أن كادت تنسى وقوفي إلى جانبها. قالت : “نحن نقرأ لأنّ القراءة لا معنى لها… تخيّل لو أنّ أبناء جلدتنا تصرّفوا وفقًا لهذا المبدأ.” (هاها سارتر)

أسألها: أكنتُ أقرأ لو أن القراءة بلا معنى؟

“كنت لتفعل كل شيء إذ ما من شيءٍ ذي معنى”.

(أنباء الشباب، الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم ثائر التيماني

إلى أدونيس

وهم كوتارد

ماذا عن؟