هكذا وصل “فيديو الإساءة” إلى جمهور المختارة.. وهكذا طوّق جنبلاط ذيوله

نوال الأشقر (لبنان 24)

الإحتكام إلى لغة العقل والحكمة لطالما طبع مسيرة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ووساهم مع كثيرين في تجنيب البلد وسلمه الأهلي الكثير من المحطّات الإنقسامية طيلة السنوات السابقة، ولعل خياره بالتموضع بين “الآذاريين” وانتهاج خيارات غير شعبية خير مؤشر على دوره الوطني.

انطلاقاً من دوره “الإطفائي” هذا تعامل جنبلاط مع “الإساءة” التي صدرت مؤخراً على شاشة قناة “الجديد”، فسارع إلى تهدئة النفوس بتغريدة من هنا واتصالات من هناك، حتّى أنّه لم يتوان عن التدخل شخصياً، وعلى مدى يومين متتاليين، لثني الشبان الذين تجمعوا في عددٍ من المناطق في الشوف وعاليه وبيروت عن القيام بأيّ تحرك احتجاجي سلمي، مقدّماً نموذجاً في الرقي السياسي بات شبه مفقود في التخاطب السياسي كما الإعلامي في زمننا، وإلى جانب كوادر الحزب التقدمي تمكّن من تطويق انعكاسات الإساءة التي صدرت بحق شريحة من اللبنانيين تفتخر بإنتمائها إلى هذه المدرسة التقدمية.

تيمور بدوره ساند والده في دعوة المناصرين إلى التحلي بالهدوء وعدم ردّ الإساءة بإساءة مماثلة أبعد ما تكون عن النهج التقدمي ورسالته، فترجم أقوال المعلم بالأفعال “في السياسة النقد غير البناء لا مفرّ منه، ولكن أتمنى على الرفاق والمناصرين الإبتعاد عن أي تشنج في الشارع …فاليوم الذي يُسمع فيه صوتنا أصبح بقريب، نعمة لبنان أنّ فيه إعلاماً حراً، وملاحظاتنا إن وجدت فهي للمحافظة على دوره الرائد في سبيل جمع اللبنانيين لا تفرقهم”.

ما الذي حصل بعد حلقة “الإساءة”؟

لا يحتاج المتلقّي في زمن التواصل الإجتماعي لمتابعة قناة معينة أو برنامج محدد. يكفي أن يتّم إرسال مقطع فيديو من قبل أحدهم عبرهاتفه لينتشرالفيديو المرسل بسرعة البرق، وهذا ما حصل في مقطع “الإساءة”، بحيث أنّ الغالبية العظمى من مناصري الحزب التقدمي الإشتراكي علمت بأمر”الإساءة” إمّا من خلال مواقع التواصل الإجتماعي أو من خلال “واتس آب”، وعلى الفور حصلت تجمعات عفوية غاضبة في عدد من المناطق أُرفقت بدعوات لتنفيذ تجمع إحتجاجي أمام محطة “الجديد”. ولاقت هذه الدعوات رواجاً كبيراً من خلال مواقع التواصل الإجتماعي ورسائل الهاتف.

رنّ هاتف كليمنصو وأُبلغ صاحب الدار بالتجمعات وسببها، وعلى الفور أعطى توجيهاته بوجوب ضبط الوضع والإبتعاد عن ردات الفعل في الشارع، وقد ساهم أمين السر العام في الحزب ظافر ناصر في ترجمة هذه الجهود على الأرض، إلى جانب وكلاء الداخلية وعدد من المسؤولين في المناطق، بحيث قصد ناصر موقع التجمعات ونقل إليهم بالصوت رسالة من جنبلاط عبر الهاتف، تدعوهم إلى التعقل والتّرفع والتصرف بما يليق بنهج الحزب ومبادئه وعدم الإنزلاق إلى لغة الشارع. وبالفعل نجحت هذه الجهود في تطويق الإرتدادات، وفي السياق نفسه غرّد جنبلاط طالباً من الرفاق والمناصرين السير قدماً بهدوء والتصرف بلا مبالاة حيال إنتقاد من هنا وتجريح من هناك، شاكراً إداة المحطة على التوضيح .

على خط مواز نشطت الإتصالات مع إدارة القناة تولاها مفوض الإعلام رامي الريس، وأثمرت تعاوناً من قبل المحطة، التي عمدت إلى توضيح ما حصل، وبادرت إلى حذف المقطع الذي ورد في برنامج “قدح وجم” من موقعها الإلكتروني، وامتنعت عن بثّه في حلقة الإعادة، مؤكدةً رفضها المس بكرامات المواطنين أو المسؤولين أو القيادات السياسية. وبعدما نُشر كلام مسيءعلى “تويتر” على حساب حمل اسم المخرج شربل خليل،عمد الأخير إلى إصدار بيان توضيحي أكّد خلاله أنّ الحساب لم يكن عائداً له، وأنّه لا يملك سوى حساب واحد ولا علاقة له بحسابات تحمل اسمه أو تتضمن صوره .

في الوقت نفسه أصدرت مفوضية الإعلام في الحزب أكثر من بيان أكدت خلاله أنّ الملف طوي من خلال الإتصالات التي حصلت وتوضيح القناة، بحيث عبّر الحزب عن تقديره لعواطف المواطنين وإندفاعهم للتحرك رفضاً للإساءة ودعاهم إلى عدم الإنجرار إلى ردات فعل في الشارع، كما دعا الإعلام في الوقت نفسه للترفع عن الإهانات التي لا تليق بحرية التعبير.