عصام ابو زكي… أيها الفارس المترجل

وهيب فياض

اخاطبك وكأنك لم تسلّم جسدك للموت، ولا عينيك للإغفاءة الاخيرةً، لأنك في ذهني كما في ذهن كل من عرفوك ذاك المممتليء حياة، حتى لكأن الموت لا يقوى عليك، وهو الهارب منك مرارا كما يفرّ القاتل من خيال المقتول.
عرفتك عمرا، وخبرتك دهرا، وادهشتني دوما بذكائك المتوّقد وبصيرتك النفّاذة وعزمك الذي لا يلين، وثباتك على المبدأ واليقين.
أيها الصديق الذي باح لي بأسرار كتمها عن غيري، وما أكثرها، تواضعا منك وتجنبا للقول انك تتباهى بما هو حقك، فلم أبح بها، رغم انها تليق بمكانتك يوم وداعك، تقديرا مني لتواضعك ووفاء بصداقتك ومحبتك وثقتك.
أيها الفارس المترجل عن حصان عمره الذي خاض به معاركه كلها، وهو لا يملك إرثا الا سيف رجولته وسرج حصانه ودرع معاركه، لكأني بك تتمثل بسلمان الفارسي الباكي عند موته لأنه كان يملك سراجا وإبريق وضوء، وقد أبكيتني انا أيضا يوم كتبت لك وصيتك فصرت اكثر العارفين انك لم تسع الى الثروة رغم كثرة ما صادفت من مغريات، وما عرض عليك من عطاءات ففضلت ان يظلمك من كان بيدهم ان يظلموا آنذاك، بدل ان تُظلم الحقيقة، ولو أنها رغم ذلك بقيت مظلومة.
لم تزدك الرتب والمناصب فخرا، لان قيمتك كانت في شخصك، وثروتك في كرامتك ومالك في عنفوانك، وكانت إنسانيتك هي الذهب الذي يطوق عنقك.
أتذكر أيها الصديق يوم كنّا في البرازيل، وقررت ان تعقد ندوة تعلن فيها شفهيا ولأول مرة اسرار قضية اغتيال الشهيد كمال جنبلاط، يوم قلت لي رغم كل التهديدات التي تلقيناها بالقتل ان الانسان لا يموت الا مرة واحدةً، اتذكر كيف وصلنا الى البيت الدرزي في ساو باولو بسيارة مصفحة وبحماية الشرطة وكيف صعدت الى منبرك مرفوع الرأس لتعريّ وتكشف اسماء وادوار كل من أمر وخطط ونفذ جريمة اغتيال المعلم الشهيد، يومها كنت ارى وانا اقدم وأُدير ندوتك في كل شخص من الحضور، احتمال كونه عميلا محتملا قد يرفع مسدسه في أية لحظة ليمنع اعلان الحقيقة، ولم يرف لك جفن.
اتذكر يوم ترافقنا في السابع من أيار تحت وابل الرصاص وبين غابات بنادق المسلحين، الى منزل وليد جنبلاط في كليمنصو، وانت تقول حياتنا ليست أغلى من حياته، فهل نستطيع ألا نكون بقربه في يوم كهذا.
عايشتك ست سنوات في اللجنة الاجتماعية للمجلس المذهبي، فرأيت العجب لكثرة حبك للناس وثقتهم بك، وخدمتك لهم، دون ان تسأل سائلا لخدمة او محتاجا عن إنتماء أو سيرة حياة.
أيها الراحل الواثق انك لن تغيب طويلا بين قميص وقميص، عسى ان تهنأ في قميصك الجديد، وعسى ان يكون لنا شرف صداقتك ايا كان شكل قميصك.

اخوك وصديقك وهيب فياض

اقرأ أيضاً بقلم وهيب فياض

جنبلاط يهادن مجدداً وينعي اتفاق الطائف

أيها المعلم المشرق علينا من عليائك

نزار هاني: أرزتك أطول من رقابهم!

ما وراء خطاب العرفان!

عن الفتح المبكر للسباق الرئاسي: قتال بالسلاح الأبيض والأظافر والأسنان!

عهد القوة ام العهد القوي؟

من موسكو: تيمور جنبلاط يجدل حبلاً جديداً من “شعرة معاوية”!

لجيل ما بعد الحرب: هذه حقيقة وزارة المهجرين

حذار من تداعيات إزدواجية المعايير!

عن دستور ظاهره مواطنة وباطنه عفن سياسي!

لا تحطموا برعونتكم أعظم إختراع في تاريخ الديمقراطية!

رسالة من العالم الآخر: من أبو عمار إلى أبو تيمور!

لتذكير من لا يذكرون: تجارب وزراء “التقدمي” مضيئة وهكذا ستبقى!

يحق لوليد جنبلاط أن يفاخر!

تبيعون ونشتري

إنه جبل كمال جنبلاط!

إلا أنت يا مير!

ادفنوا حقدكم لتنهضوا!

الإصلاحيون الحقيقيون: إعادة تعريف!

مطابق للمواصفات!