على إسرائيل أن تعمق علاقاتها مع قبرص

في الانتخابات التي جرت هذا الشهر في قبرص، انتُخب الرئيس الحالي نيكوس أناستاسيادس لولاية ثانية. وبصورة تقليدية، كانت المشكلتان الأساسيتان اللتان شغلتا الرأي العام في قبرص وكانتا هذه المرة أيضاً في مركز أساسي في المعركة الانتخابية هما: محاولة توحيد جزئي الجزيرة من جديد بعد الغزو التركي سنة 1974 واستيلائه على ثلث مساحة الجزيرة؛ والوضع الاقتصادي.

أدى فشل المفاوضات بشأن توحيد الجزيرة في تموز/يوليو العام الماضي إلى جو من الشكوك في فرص التوصل إلى اتفاق لاحقاً. ولقد وُجهت التهمة بالفشل، على الأقل من الجانب القبرصي – اليوناني، إلى أنقرة. ويمكن الافتراض أنه مع انتهاء المعركة الانتخابية في الجزيرة، سيجري العثور على طريقة لاستئناف المفاوضات. وقد حظي الوضع الاقتصادي باهتمام كبير في المعركة الانتخابية، ووقف أناستاسيادس هنا على أرضية مريحة أكثر وصلبة، إذ استطاع أن يواجه الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي مرت بها قبرص بنجاح. فمنذ سنة 2013 وخلال ثلاث سنوات قاد الدولة للتخلص من خطة الإنقاذ القاسية التي فرضها الاتحاد الأوروبي على قبرص.

الوضع من الناحية الإسرائيلية ممتاز. فقد تعززت شبكة العلاقات بين قبرص وإسرائيل كثيراً في السنوات الأخيرة. وباتت إسرائيل اليوم تحظى بإجماع نادر في الساحة السياسية، وبصورة أكبر لدى الرأي العام. في المناظرات التلفزيونية التي جرت مؤخراً بين المرشحين للرئاسة شدد الرئيس القبرصي على أنه خلال ولايته وصلت شبكة العلاقات مع إسرائيل إلى الذروة، بينما انتقده منافسه بأنه لم يبذل ما فيه الكفاية.

لقد حرصت إسرائيل وقبرص على إقامة شبكة علاقات وثيقة تستند إلى التقاء مصالح سياسية استراتيجية ناجمة عن التغيرات الدراماتيكية في المنطقة واكتشافات الغاز الطبيعي في الحوض الشرقي للبحر المتوسط. والبرودة التي طرأت على العلاقات بين إسرائيل وتركيا سهلت على إسرائيل تعزيز علاقاتها مع قبرص، التي تعززت أيضاً بعد استئناف القدس وأنقرة مؤخراً الحوار السياسي بينهما. وهذا دليل على أن إسرائيل قادرة على الامتناع في سياستها الخارجية في الحوض الشرقي للبحر المتوسط من خوض لعبة محصلتها صفر للطرف الخاسر [أي ربح يحققه طرف هو بمثابة خسارة كلية للطرف الثاني].

لقد أدى القرب الجغرافي والتاريخ المتشابه (معسكرات الاعتقال للمهاجرين التي أقامها البريطانيون في قبرص بين السنوات (1946-1949) إلى تعميق العلاقة بين إسرائيل وقبرص. وساهمت أجواء الثقة بين الدولتين في الارتفاع الكبير لعدد السياح من إسرائيل إلى قبرص الذي بلغ نحو 160.000 سائح سنة 2017، بالمقارنة مع حوالي 10.000 قبل نحو 8 سنوات.

  • نقلا عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية