مخاطر تشويه المجتمع المدني

منير بركات

من مخاطر مصادرة وتشويه مفهوم وممارسة المجتمع المدني ربطا بعرض النماذج على مستوى اقتباس بعض خصائص الحداثة من بعض دول العالم لا سيما في العالم العربي التي اعتمدت دساتير معاصرة في تنظيم شؤونها، لنكتشف تزييف الحداثة بأساليب مخابراتية مبتكرة في التلاعب على القوانين، واغتصاب حرية الفرد، وتزييف الانتخابات والنتائج، وفي اخضاع القضاء ورفض شرعة حقوق الانسان.

ومن المعروف بأن شروط الدولة الحديثة او المعارضة المدنية عليها الالتزام بسلة كاملة دون الاستنساب والتفصيل على قياس السلطة او قيادة المعارضة.

وهذه الشروط المتناسلة والمترابطة قائمة على مفاهيم الحرية، الديموقراطية، الوطن، المواطنية، القانون، السيادة، فصل السلطات، السلطة القضائية، حقوق الانسان الفرد. اذن هذه المفاهيم هي الشروط الاساسية بالإضافة لبعض المصطلحات الاخرى التي تحدد هوية الدولة المدنية الحديثة، او شعارات المعارضة المدنية التي تنشد استلام السلطة أو اصلاح النظام، ولا يمكن ان تكون كذلك بمعزل عن هذه المواصفات مجتمعة.

والجدير بالذكر بأن بعض القوى المعارضة في صلب السلطة لعبت وتلعب دوراً ضمن الأمكانيات المتوفرة لديها في النضال المطلبي وتخوض معركة الاصلاح من الداخل والخارج بالرغم من الضربة الموجعة للمشروع الوطني واغتيال الشهيد كمال جنبلاط على ايدي من يدع الحداثة والعلمنة والذي ما زال يسفك دماء شعبه ولم يشبع ثقافته التي تتميز بسادية الدم والاقصاء، الا انها بقيت وفية بالتمسك في الخيارات الوطنية الديموقراطية وما زالت تنهل من تراثه الذي قدم ارقى مشروع وطني اصلاحي حديث ببعده الانساني.

انطلاقا من ذلك لا يجوز تعميم اطلاق الاتهامات على الجميع سواسية في الوقت الذي يعيش فيه معظم ما يسمى المجتمع المدني الالتباس في خطه ووحدته وتحالفاته وخلفياته وبعده واهدافه وهويته مما ينزع عنه في كثير من الاحيان اسمه و صفته المدنية.

لا شك بأنه من السهولة التحريض على هذا النظام الطائفي الفاسد والمأزوم وتجميع مبيقاته لتشكل عناوين للاستقطاب المعارض ولكن الاهم بلورة المشروع البديل ونسج التحالفات الوطنية الحقيقية وليس بآدلاء الاصوات وهدرها يوم الانتخابات لمصلحة من يرفض قيام الدولة لتصبح المعارضة “كلام حق يراد به باطل”.

من الواضح بأن شرائح المجتمع المدني اللبناني المعارض متحدرة من اصول وطنية وسيادية وتقدمية، وفي غياب وحدتها وبرنامجها تذهب اصواتها نزفا لمصلحة الخصم السياسي الذي يتمتع بولاء شعبي غريزي متماسك لم يخسر من قاعدته الا نادرا باتجاه المعارضة المدنية، وفي ظل عدم امكانية تشكيل البديل المدني المعارض في الوصول الى السلطة التشريعية يكون قد قدم هدية لمن يشكل اساس اعتراضه في هذا النظام السياسي من خلاء تحييد ناخبيه لمصلحة من يتحمل مسؤولية مسيرة القمع والأقصاء والتضييق على الحريات وضرب المشروع الوطني.

*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية

اقرأ أيضاً بقلم منير بركات

طلّة راقية في ذكرى مولده

لن يتمكنوا من تغيير هوية الجبل ووجهه

التحذير الفرنسي للبنان شبيه بتحذير السفير الفرنسي قبيل اجتياح 1982!؟

مفهوم الدولة وشروط تكوينها 

مكامن الخلل في تجزئة الحرية؟

أهل التوحيد والتاريخ المجيد… غادروا الماضي واصنعوا المستقبل !؟

الألفية التاريخية للموحّدين الدروز

تحفّزوا بالقامات الكبيرة يا حديثي النعمة!؟

بعيداً من التبسيط.. البلد على حافة الهاوية!؟

العقوبات غير المسبوقة تصيب مقتلاً في النظام الإيراني

الموحّدون الدروز: المخاوف من إطاحة الوطن

مبادرة “التقدمي”: خطوة متقدمة لحماية الحريات العامة

على الرئيس المنشود ممارسة القمع لكي يكون مرشح الناخب الأول!؟

تلازم الفاشية مع الطائفية ومأزق الحكم

أين المصير الواحد والبلد الواحد واللغة الواحدة من كل هذا؟

المطلوب وقفة موحدة ضد النظام!

الشعوب ضحية الأطماع الدولية والأسد فقد دوره الأقليمي

بلورة المشروع الوطني المعارض

رسالة الى رئيس الجمهورية

الاطاحة بالطائف يعيدكم الى حجمكم!؟