“الأطماع العدوّة” تُغرِق وساطة أميركا النفطية!

يعلم المسؤولون اللبنانيّون خير علمٍ أنّ الأطماع الإسرائيلية لا حدود لها ولا يمكن أن تلتزمَ بمعايير انضباطية حتى لو كان الأميركيون هم من وضعوا هذه المعايير. منذ أسابيع، تخوض واشنطن وساطة “غير متكافئة” لا بل غير منصفة بصريح العبارة بين لبنان وإسرائيل، حيث يطّرد التنظير المتعلق بخطّ “هوف” وتصل الأمور حدّ إرساء “صفقة” قائمة على تقاسم المغانم النفطية رغم معرفة الجميع وعلى رأسهم واشنطن أنّ البلوك التاسع هو منطقة اقتصادية لبنانية خالصة ولا حقوق لإسرائيل عليها وعلى ما تحتضنه من ثروات نفطية.

اليوم، وبعد زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لبنان وقبله وبعده مساعده لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، تبدو الصورة جليّة: إسرائيل التي لم تجد بعد من ينقّب عن نفطها بسبب الخلافات الداخلية لا يناسبها أن يطلق لبنان رحلة التنقيب عن نفطه. وغداة خروج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، معتبرًا أن “حزب الله” هو القوة الوحيدة للبنان في معركة النفط ضد إسرائيل، توجّه ساترفيلد الى إسرائيل حيث التقى منذ ساعات وزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شتاينتز في مسعى لحلّ نزاع حول حقول النفط والغاز مع لبنان، بحسب ما أعلن مكتبه. وفي هذا المجال، علمت “الأنباء أن “ساترفيلد يضع اللمسات الأخيرة على تقرير مطوّل يطرح فيه حلولًا ممكنة للأزمة النفطية بين لبنان وإسرائيل، على أن يرفعه في ضوء ما سمعه بين بيروت وتل أبيب. علمًا أن ساترفيلد وحسبما تؤكد مصادر متابعة لـ”الانباء” دوّن كلّ الملحوظات اللبنانية حول هذا الملف، وحمل الموقف اللبناني الجازم إزاء عدم التفريط في شبرٍ واحد من ملكه، ويبدو مصمّمًا على تحدّي إسرائيل في هذا المجال وبدء التنقيب عن النفط وفق الخطة المرسومة حتى لو كلّفه الأمر صدّ أي عدوان بجيشه ومقاومته وشعبه”. وتلفت المصادر إلى أن “الانحياز الأميركي واضح ولكن في المقابل الموقف اللبناني أكثر وضوحًا، وعليه يبدو جليًا أن الأطماع الإسرائيليّة ستُغرق هذا المسعى إلا إذا نجح الأميركيون في إنهاء هذا الصراع لصالح لبنان ليشكل ذلك سابقةً في التاريخ العربي-الإسرائيلي وهو ما يبقى موضع شكّ كبير”.

ولم تنجُ إسرائيل من السهام اللبنانية في مؤتمر ميونيخ للأمن حيث نقل وزير الدفاع يعقوب الصرّاف موقف لبنان من الدفاع عن أراضيه، وخصوصًا المشاكل الحدودية مع الجنوب”، في إشارة إلى الجدار الإسمنتي الذي يدخل في صلب الوساطة الأميركية والذي ساهم إسقاط طائرة أف 16 فوق الأراضي المحتلة في فرملة الأعمال فيه.

يبقى التذكير بأنّ لبنان وقّع في التاسع من شباط الجاري عقداً مع تحالف شركات دولية هي “توتال” الفرنسية و”ايني” الايطالية و”نوفاتيك” الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في الرقعتين 4 و9 في مياهه الإقليمية. وسيجري التنقيب في الرقعة 9 بمحاذاة جزء صغير متنازع عليه بين لبنان واسرائيل، ولن تشمله أعمال التنقيب. ويُشكل هذا الجزء 8 في المئة من الرقعة 9.

أمّا على الضفة الإسرائيلية، فبدأت ألمانيا ببناء سفن حربية سريعة مخصصة للبحرية الاسرائيلية من اجل “حماية منصات الغاز والمنشآت الاقتصادية في المياه الاسرائيلية”.

كما أقدمت إسرائيل في تشرين الثاني الماضي على تزويد سفينة حربية بطارية مضادة للصواريخ من طراز “القبة الحديدية”، وذلك للمرة الأولى في البحر.

رامي قطار- “الأنباء”