الانتخابات: التغيير لا يكون بالمزايدات

الانتخابات النيابية في المبدأ مناسبة للتعبير عن الرأي، وإختيار الناخب ممثله، ومناسبة أيضا للمحاسبة.

في تركيبة البلد الطائفية والسياسية وفي ظلّ قانون، ظاهره حديث وباطنه اكثر تخلفاً مما سبقه، يستحيل التغيير والمحاسبة كما يطمح كل مواطن.

فالكل يُجمع على أن التغيير لا يتمّ إلا عند إلغاء الطائفية السياسية، من النفوس والنصوص معا.

البعض تبهره شعارات التغيير والاصلاح ومحاربة الفساد التي يطلقها الطامحون بالوصول الى الندوة البرلمانية، وما يزيد من حماسة هذا البعض ما يسمعه من شائعات واخبار ملفقة تفبركها المطابخ وتطلقها الألسن السيئة في المجالس الخاصة.

يغيب عن بال هؤلاء ان المعارك الإنتخابية في لبنان سياسية بإمتياز لكنها تخاض تحت شعارات اصلاحية برّاقة.

كما ينسى البعض ان الانتخابات في لبنان هي وجه آخر لحروب الإلغاء، وان ما عجز عنه الخصم في الحرب يحاول كسبه في صندوق الاقتراع.
في بلد كلبنان كل شيء فيه طائفي، وله إمتدادات خارجية، يُنظّر البعض لمثالية تبتعد عن الواقع سنوات ضوئية، معتقدا ان التغيير يبدأ بصوته، وأن صوته وبضع اصوات معه تشكل الخطوة الأولى في رحلة الألف ميل لتغيير الواقع الصعب بل المزري.

ليست الغاية من هذا الكلام التقليل من قيمة ما يطمح اليه هذا الناخب او ذاك، إنما لتأكيد ما هو مؤكد من ان التغيير لا يتم بهذه الطريقة وبهذه البساطة. وللقول ايضا إن المعركة الانتخابية في ظل التركيبة اللبنانية هي معركة توازن داخلي بالدرجة الأولى، فإن إختل هذا التوازن سقط البلد.

كما ان هذا الكلام ليس للتشكيك بنوايا بعض المرشحين الذين يطمحون بصدق نواياهم لإحداث فجوة في تركيبة هذا النظام.

نعم ثمة مسؤولية على الأحزاب كل الأحزاب في تغيير الواقع السائد، لكن قد يكون من المجدي اكثر، العمل من داخل هذه الأحزاب على تغيير الأسلوب المتبع في مقاربة الأمور لاسيما المعيشية والخدماتية، وإجراء اصلاح داخلي ينظم التعاطي مع امور الناس على قاعدة مؤسساتية، وهذه مسؤولية تقع على الجميع بمن فيهم الممتعضون انفسهم، فمسؤولية الفرد لا تقل اهمية عن مسؤولية الجماعة.

الإمتعاض ناتج عن وجع، والإعتراض نابع من حرص، والتغيير مطلوب، والاصلاح ضرورة، ووقف الهدر والفساد اكثر من ملّح. لكن كل ذلك لا يتحقق بالمزايدة أو بإستغلال وجع الناس من قبل بعض الجهات او الطارئين او الطامحين. فهؤلاء لا يملكون اصلا عصا سحرية.

*سامر أبو المنى- “الأنباء”