مهرجان بعثي في سوتشي؟

جليل الهاشم

لم تنجح روسيا في تحويل مؤتمر سوتشي الى مدخل جدي للتسوية في سوريا ولم يكن كافياً جمع 1500 شخصية القسم الأكبر منها يقبل باستمرار بشار الأسد في السلطة لكي يتحول هذا الإجتماع في المدينة الروسية الى مشروع تسوية يعتمد عليه.

وقبل الحديث عن طبيعة المشاركين ينبغي استعراض طبيعة وأدوار الداعين الى المؤتمر. هناك أولاً الروس الذين يقاتلون في سوريا منذ 2015 دفاعاً عن سلطة الأسد ويتهمهم الكثير من السوريين بالقصف والتدمير والقتل ويمارسون على المستوى الدولي دور حماية النظام ورأسه ويجعلون من الأمم المتحدة ومجلس الأمن منصة استعمال الفيتو في كل مرة يصل بها المجتمع الدولي الى قرار يمس بذلك النظام.

وهناك من جهة ثانية إيران اتي أرسلت الى سوريا ما يقارب 70,000 عسكري وميليشياوي يرفعون شعاراتهم المذهبية لحماية النظام ولضمان سيطرتهم اللاحقة على هذا البلد العربي ضمن مشروعهم الذي لا يخفون انه يستهدف جعل المنطقة من البحر المتوسط الى إيران بقعة نفوذ لإيران الخمينية وهناك من جهة ثالثة تركيا التي تلعب في سوريا لعبة باتت مكشوفة من إبداء العداء الشديد للأسد الى الرغبة في إحلال الإخوان المسلمين مكانه الى محاصرة المعارضة الوطنية وتفريغ التنظيمات المتطرفة وتمويلها وتسليحها بما في ذلك داعش والنصرة وأقرانهما وصولاً الى العودة لمربعها الأول وهو العداء للأكراد لتعود وتلتقي مجدداً مع النظام في كرهه للأكراد ومشروعهم للحكم الذاتي وكل ذلك تحت شعارات فضفاضة من محاربة الإرهاب وضرورة دحره.

Attendees wait for the start of a plenary session at the Congress of Syrian National Dialogue in Sochi on January 30, 2018. / AFP PHOTO / Alexander NEMENOV

هذه الدول الثلاث التي تسعى كل منها الى ضمان مصالحها الخاصة في بلاد الشام لم يحمل أي منها مشروعاً جدياً للحل في سوريا وهي على العكس من ذلك تتصارع فيما بينها على النفوذ وضمان الحصة الأكبر من جبنة الطاولة.

نجحت روسيا فقط في تأمين حضور 1500 شخص يصفقون لها مقابل الاستضافة وغاب عن المؤتمر كل الذين يمكن اعتبارهم ممثلين بطريقة او ما لوجهة نظر المعارضة خصوصاً الائتلاف وهيئة التفاوض العليا. واختصرت اعمال سوتسي الى يوم واحد لتنتهي ببيان فضفاض يكرر بعض العناوين العامة ولجنة من 150 شخصاً تتولى اعداد مشروع دستور جديد لسوريا. وصفق الحضور بقوة عدى بعض الاستثناءات لخطاب لافروف والنتائج المتواضعة.

لقد كان سوتشي أشبه بمهرجان بعثي أو إجتماع لمجلس الشعب السوري وعلى الروس أصحاب الدعوة أن يستخلصوا العبر.

(الأنباء)