في ذكرى نسيب لحود… الدولة تبحث عن رجالها

لا يمكن ان تمرّ ذكرى رحيل نسيب لحود مرور الكرام، فالرجل الذي أعطى من فكره المؤسساتي الكثير من اجل الدولة والدستور والقانون والنظام، يفتقد في زمن تراجع الدولة على حساب الطوائف والمحاصصات واثواب الميثاقيات المفصّلة على قياس الكيانات المذهبية.

ففي 2 شباط 2012 رحل الوزير والنائب السابق نسيب لحود، بعد مسيرة طويلة توّجها بالمشاركة في تأسيس حركة التجدد الديمقراطي في أيار 2001 مع عدد من السياسيين والناشطين في الحقل العام وفي المجتمع المدني والأكاديميين ورجال الأعمال والنقابيين، وهي حركة سياسية تضم أعضاء من كل الطوائف والمناطق، وانتخب رئيسًا لها وشغل هذا المنصب حتى وفاته.

لحود القادم من عالم الهندسة الى السياسة، لم يقل ابداعا في الشأن العام، وكانت البداية من تعيينه سفيرا في الولايات المتحدة الاميركية في العام 1990.

في العام 1991 عين خلفًا للنائب المتوفي فؤاد لحود نائبًا عن قضاء المتن وذلك عملًا باتفاق الطائف الذي نص على ملئ المقاعد الشاغرة نتيجة الوفاة أو إلى زيادة أعضاء البرلمان، وفي العام 1992 انتخب للمرة الأولى نائبًا في البرلمان عن المقعد الماروني وذلك عن قضاء المتن واعيد انتخابة لنفس المقعد في دورات أعوام 1996 و2000، وقد تميز بنشاطه التشريعي مترئساً لجنة الدفاع النيابية، بينما كان عضوًا في لجنة الشؤون الخارجية ولجنة المال والموازنة.

كان لحود نصيرا دائما للدستور، رافضا اي تعديل على المادة 49 الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، فعارض تعديل الدستور للتمديد للرئيس إلياس الهراوي في العام 1995، وعارض التعديل في العام 1998 لانتخاب الرئيس إميل لحود، وعارض أيضًا التمديد له في العام 2004.

كان احد ابرز وجوه لقاء قرنة شهوان في العام 2001 و”لقاء البريستول” في خريف 2004، وانتفاضة الاستقلال التي اندلعت بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005 ولا يزال في ذاكرة المتظاهرين في مليونية 14 اذار 2005.

وفي خطوة عكست الدور الذي كان يمكن لنسيب ان يلعبه في الحياة السياسية، اعلن في 13 ايلول 2007 عن ترشيحه رسميًا لمنصب رئاسة الجمهورية مطلقا برنامجه الانتخابي تحت عنوان “رؤية للجمهورية”.

وفي العام 2008 عين وزير دولة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في عهد الرئيس ميشال سليمان.

نسيب لحود يفتقد في زمن أحوج ما يكون فيه لبنان لمن يقرأ في الكتاب ويستند اليه دون سواه، وفي زمن تبحث فيه الدولة عن رجالها.

“الانباء”