“عم نحكي سياسة”… إشراكٌ للمرأة أم تنميطٌ لصورتها؟

 

تقول الأحزاب هذه الأيام الكثير في مسألة تعزيز دور المرأة في الحياة العامة، فيما المطلوب واحد: مزيدٌ من التمثيل في الندوة البرلمانية. ومع اقتراب موعد الانتخابات المرتقبة في أيار 2018، تطفو على السطح قضيّة دعم وصول المرأة الى البرلمان من دون أن يرتبط هذا الدعم بـ”الكوتا” النسائيّة التي سقطت تشريعيًا وباتت خلف الظهور مع التسليم بصعوبة إحقاقها.

اليوم، تبرز مبادراتٌ جمّة منها محليّة ومنها برعاية دولية تصبّ برمّتها في خانة تكريس ظهور المرأة المرشّحة إعلاميًا لتفرغ ما في جعبتها ولتتحدث عن طاقاتها ولتناقش الملفات المطروحة على طاولات البحث على مختلف الصعد. ولعلّ الأبرز من بين هذه المبادرات برنامج “عم نحكي سياسية” المدعوم من منظمة Women in Front  والذي تعرضه المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI في قالبٍ جديد من تقديم الإعلامية ندى أندراوس عزيز. يقوم البرنامج على استضافة سيّدة مرشّحة للانتخابات النيابية أو مشروع مرشّحة تنتظر قرار الحزب، ويواجهها في الكرسي الآخر رجلٌ سواء كان مرشحًا أم ناشطًا أم نائبًا حاليًا.

الـFormat في طبيعته وللوهلة الأولى لا يبدو مناسبًا لجهة إلغاء “التنميط” لا بل تكريسه من خلال وضع سيّدة في مواجهة رجل، بمعنى تكريس المواجهة على أساس النوع الاجتماعي، وإظهار الأمور وكأن الرجل يحول في شتى الحالات دون وصول المرأة الى الندوة البرلمانية. هذا في الشكل، أما في المضمون، فتظهر النساء الضيفات (في غالبيتهنّ حتى كتابة هذه السطور) بإجاباتٍ معلّبة شديدة النمطية، لا طروح خلّاقة أو جديدة تضيف الى الثابت والمُكرّس سياسيًا وطائفيًا، تخندُق صريح لكلّ سيدة حسب انتمائها الحزبي أو الوعد الذي أخذته من رئيس حزب أو تيار بتبنّيها على لائحته من دون أن يعدو الأمر كونه وعدًا غير محسوم، وهنٌ في التعمّق في الملفات الحساسة ما يكرّس فكرة عدم اقتدارها على مجاراة الضيف الذكر في معظم الملفات رغم أنّ لكل منهما دقيقةً ونصف دقيقة للإجابة عن كلّ سؤال.

في المحصّلة، انتقلت التجربة الى شاشة الـMTV في برنامج مماثل في الفكرة والهدف، من دون أن يخرج هو الآخر عن مسار التنميط والتعليب. فهل فُقِدت كلّ الأسلحة لوصول النساء ذوات الكفاية الفكرية والسياسية ما دفع بعضهنّ الى خوض “مواجهاتٍ” مباشرة مع الرجال مباشرة على الهواء لإثبات أنفسهن وتأكيد حقهّن في التمثيل النيابي؟

رامي قطار- “الأنباء”