إشكالية المجتمع المدني وملابساته

منير بركات

عشية الإنتخابات النيابية يأخذ مصطلح “المجتمع المدني” وهجاً متداولاً قائماً على الرفض دون الوعي لملابسات علاقته مع المرفوض وأشكالية تفسير المصطلح نفسه.

إنطلاقا من التفسير اللغوي الأساسي لمصطلح “المدني” مرتبط بالمدينة، مما يعني أن نقيضه هو ما ينتجه نقيض المدينة أي الريف. ويعتبر مصطلح “الدولة المدنية” وكل روافده: المدني، الهيئات المدنية، مؤسسات المجتمع المدني إلخ … وهي لها علاقة بالظروف والزمان والمكان. وتعتبر “الدولة المدنية “نقيض لعدة أشكال من الدول كالدول العسكرية والدينية والملكية والديكتاتورية. لذلك استخدم مفهوم “المدني” مقروناً بالدولة والمجتمع والمؤسسة في مقابل “العسكري” او “الديني”.

المدني اذن مرتبط، وبالدرجة الأولى، بالإنتماء الحر والطوعي للأفراد، بينما الإنتماء الأهلي هو إنتماء غير طوعي، كما هي الحال في مؤسسات العائلة والعشيرة والطائفة، أما الانتماء الى المدني هي ممارسة لحرية الفرد في اختيار جماعة جديدة ينتمي اليها كالحزب والنقابة والجمعية، إنتماءً طوعياُ لا إكراه فيه من أحد.

وذلك لا يلغي تدخلات السلطة في كل من المجتمع المدني والأهلي، انطلاقا من هذا التمييز بين الاهلي والمدني لا يمكن ان نعتبر الأحزاب الدينية، أحزاب مدنية ولا يكون حزب إلا بالمعنى اللغوي، لذلك يعتبر بناء الدولة المدنية الحديثة يتنافى مع وجود الأحزاب الدينية التي تعود الى مرحلة الدولة الاستبدادية والى ما قبل الدولة الديمقراطية.

المجتمع المدني

لذلك من الضروري اقرار قانون أحزاب حضاري والزامي الذي يشكل أساس في تحديد الخيارات من اجل النضال لبناء الدولة الحديثة
في ظل هذه الأشكالية لا يمكن مصادرة صفة “المجتمع المدني” بحصرية تتغذى من النقمة الشعبية ومن النظام السياسي المأزوم وهي خاضعة لنفس التكوين وشروطه وبدل أن تكون جزء من الحل تصبح جزء من المشكلة.

عندما طرح كمال جنبلاط الاشتراكية الانسانية بإطار الحزب التقدمي الأشتراكي إنطلاقا من وعيه لأهمية دور الاحزاب العلمانية في بناء الدولة المدنية العابرة للطوائف.

على الناشطين المدنيين الأنقياء الأنتباه لكي لا تذهب أصواتهم سدى في خدمة خصمهم السياسي والوطني وبالتالي أضعاف الخيارات الوطنية والإجتماعية العامة والتي دفعت ثمناً باهظاً في الدفاع عن لبنان ووحدته بمواجهة كل الوصايات وقدمت آلاف الشهداء في كل المحطات المفصلية لا سيما القضايا المطلبية والمعيشية.

*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية

اقرأ أيضاً بقلم منير بركات

طلّة راقية في ذكرى مولده

لن يتمكنوا من تغيير هوية الجبل ووجهه

التحذير الفرنسي للبنان شبيه بتحذير السفير الفرنسي قبيل اجتياح 1982!؟

مفهوم الدولة وشروط تكوينها 

مكامن الخلل في تجزئة الحرية؟

أهل التوحيد والتاريخ المجيد… غادروا الماضي واصنعوا المستقبل !؟

الألفية التاريخية للموحّدين الدروز

تحفّزوا بالقامات الكبيرة يا حديثي النعمة!؟

بعيداً من التبسيط.. البلد على حافة الهاوية!؟

العقوبات غير المسبوقة تصيب مقتلاً في النظام الإيراني

الموحّدون الدروز: المخاوف من إطاحة الوطن

مبادرة “التقدمي”: خطوة متقدمة لحماية الحريات العامة

على الرئيس المنشود ممارسة القمع لكي يكون مرشح الناخب الأول!؟

تلازم الفاشية مع الطائفية ومأزق الحكم

أين المصير الواحد والبلد الواحد واللغة الواحدة من كل هذا؟

المطلوب وقفة موحدة ضد النظام!

الشعوب ضحية الأطماع الدولية والأسد فقد دوره الأقليمي

بلورة المشروع الوطني المعارض

رسالة الى رئيس الجمهورية

الاطاحة بالطائف يعيدكم الى حجمكم!؟