حول ما يجري في ايران

جليل الهاشم

تحصل أحداث كثيرة في العديد من البلدان فلا تلفت نظراً ولا يهتم بها أحد. بالكاد انتبه العالم لما يجري وجرى في زمبابوي حتى الصومال لم يعد أحد يأبه لأحداثها سوى بعض تجار الحروب وموظفي القاعدة. وجمهوريات الاتحاد السوفياتي الإسلامية عانى بعضها من حروب أهلية طويلة وتطورات سياسية وبالكاد اهتم بالأمر بعض منظّري المكاتب من الباحثين في شؤون ما بعد الإتحاد السوفياتي والتوسع التركماني وغير ذلك.

إيران تبدو غير هؤلاء جميعاً فأي حادث فيها يستقطب الإهتمام بالشرق الأوسط والأبعد وصولاً الى كل عواصم العالم. وفي التظاهرات الأخيرة ازداد الإهتمام بسبب الشعارات السياسية التي رفعها المتظاهرون، ونالت مباشرة من القيادة السياسية العليا.

IRAN-POLITICS-DEMO

يعود سبب الإهتمام بإيران وبأي إعتراض فيها على قيادتها السياسية في المقام الأول الى ما تنسبه إيران لنفسها من دور وما تقوم به فعلياً في الممارسة فإيران فاوضت سنوات على ملفها النووي وعندما وقع الإتفاق بهذا الخصوص بينها وبين الدول الكبرى بقي الملف مفتوحاً وبقيت هي تحت الرقابة وأكثر من ذلك استمرت دول أساسية في العالم باتهامها بخرق الإتفاق وبالتدخل في شؤون جيرانها وذهب بعضهم الى تحميلها مسؤولية كبرى عن الإرهاب واستضافتها لعناصر قيادية في القاعدة.

وتنسب إيران لنفسها بفخر واعتزاز انها تسيطر على اربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء وإنها توحد المسلمين على الخط الإسلامي الصحيح وتنشط في دول العالم الكثيرة وتتبنى مشايخ وحركات في بلدان لم يصلها الدين الحنيف إلا مؤخراً. وبديهي ان يشعر سكان العواصم الأربعة أقلّه بالإثارة فيتابعون باهتمام ما يجري في المدن الإيرانية وما ستؤول اليه المظاهرات والاحتجاجات، بعضهم لإرتباطه الشديد بالسلطة في إيران وبعضهم الآخر لرفضه تدخل هذه السلطة في شؤونهم وهؤلاء مثلهم مثل سكان المستعمرات التي كانت تابعة لدول الغرب الإستعماري في القرن الماضي. فالأنغوليون راقبوا بحماس وبعضهم بخوف مظاهرات ثورة القرنفل في البرتغال واللبنانيون والسوريون في زمن أسبق راهنوا على قيام الجبهة الشعبية اليسارية في فرنسا فيما كان لبنانيون وسوريون آخرون يبنون حساباتهم على فشلهم، كل ذلك حدث بسبب المصالح واليوم أيضاً ينظر الى ما يجري في إيران من باب المصالح التي سيحسمها في النهاية ما يريده ويصنعه الشعب الإيراني لنفسه.

(الانباء)