الإنتفاضة الأكثر جذرية في ايران
منير بركات
2 يناير 2018
ما يميّز الحراك الحالي في ايران أن اصحاب المصلحة في التغيير قد امسكوا قضيتهم بأيديهم، واستبعدوا الاصلاحيين الذين اكتفوا بالشعارات الانتخابية. لقد تمكن الحراك الحالي من تعميم المظاهرات من الشمال الى الجنوب خلال يومين مما يؤشر إلى حالة الاحتقان الشاملة، بعكس الثورة الخضراء عام ٢٠٠٩ التي انحصرت في طهران والمدن الرئيسية الفارسية.
– لقد بدأت التحركات في مدينة مشهد بسبب خسارة سكانها اموالهم بمشروع سكني وهمي، بأكبرعملية احتيال ونصب من قبل مسؤولين في النظام لم تتم محاسبتهم .
– اعلان افلاس جميع مصارف مدينة مشهد، وخسارة سكانها اموالهم بتواطئ مع السلطة التي لم تحرك ساكنا للتعويض عن المتضررين.
- بعد حرق السفارة السعودية توقفت رحلات الزوار الخليجيين السياحية إلى مشهد، والتي كانت تعتمد على المصانع الصغيرة والمحلات التجارية التي اغلقت، فخسرت مشهد آلاف فرص العمل.
وبعد أزمة الإسكان وازمة افلاس البنوك وفقدان المدينة المداخيل السياحية وارتفاع الاسعار وازدياد نسبة البطالة، وعبئ أكبر جالية افغانية تقيم في مشهد، أصبح الفقر والادمان والبطالة حالة عامة ومأساوية في هذه المدينة.
وما تعانيه مشهد ينطبق على معظم المدن الايرانية، مما شكل الظروف الموضوعية لحراك في بيئة حاضنة، بدأت من الاطراف وليس من المركز كما انتفاضة ٢٠٠٩ التي همشت الاطراف لأسباب قومية ومذهبية، واعتمدت على ثقل الثورة في طهران وبعض المدن الأخرى.
المهم بأن الانتفاضة الحالية ليست محسوبة على اي جهة سياسية، لا بل تشارك فيها جميع المشارب والاتجاهات، بما فيها الغير فارسية، بالأضافة لليسار والحركة العمالية، وترفع شعارات جذرية كإسقاط المرشد وتغيير النظام وليس لها قيادة معروفة لتوجيه ضربة الى الرأس كما حصل سابقا.
بينما حراك ٢٠٠٩ كان بتكوينه قائماً على الطبقات المخملية والوسطى والطلاب، وتقتصر شعاراته على الجانب الانتخابي، وحصرت الصراع بين الاصلاحيين وبين المحافظين، وتمكن الحرس الثوري من القضاء عليها وأعتقال قيادتها، بسبب عجز انتقالها من طهران الى الأطراف وبقيادة واضحة مثل مير حسين موسوي ومهدي كروبي.
جميع التحركات في ايران كانت وما زالت تتمحور حول الواقع الإقتصادي، بما فيها الثورة التي اطاحت بالشاه، ومن المتوقع ان لا يخضع الحرس الثوري لأي تنازل، وسوف يلجأ للقمع المفرط، إلا ان هذا التحرك الواسع لا يملك اي شيئ يخسره بسبب تشكله من الطبقات المسحوقة، وليس لديه قيادة بارزة سياسية او مذهبية وليس له أي خيار سوى التصدي والمواجهة وصولا إلى التغيير.
وبالطبع فإن امتدادات الصراع الدولي والأقليمي سوف تؤثر على مسار الأحداث في ايران، كما سوف تنعكس على المحاور الأقليمية وتترك تبعات ملموسة.
*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية