كم مرة صلبنا المسيح؟ / بقلم بيار البيروتي

تحرك القضاء اللبناني بطلب من وزير الإعلام ملحم الرياشي من أجل ملاحقة المتعرضين للمقامات الدينية والمس بالشعائر الدينية من أحد مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي عبر “الفايسبوك” والتي تحمل إسم “For a Secular Lebanon” لما تعرضوا له للسيد المسيح وأم الله مريم العذراء ولملاحقة جميع المسؤولين المباشرين وغير المباشرين بجرائم المواد 474 و 475 و 476 عقوبات لتجديف باسم الله والتحقير بالشعائر الدينية.

إن التعرض للرموز الدينية المسيحية أو الإسلامية أمر مرفوض ومدان وغير أخلاقي، إذ من المستغرب كيف ان مجموعة تدعي العلمانية تتعرض للدين علما أن العلمانية هي لفصل الحكم والسّياسة عن الدين وليست تحقيراً بالأديان.

في أحد الصور المسيئة الأكثر إستفزازاً تعرض لعبة مكتوب عليها: “Crucify Jesus By Yourself” أي أصلب المسيح بنفسك تحتوي على مطرقة وأخشاب ومجسم للمسيح، صورة تستفز كل المسيحيين وتحقر رمزية الصليب.

فالصليب عند المسيحيين هو العبور من الظلمة إلى الخلاص والمسيح إبن الله المصلوب، غلب العالم بقيامته من الأموات.

لا يحق لأي كان مهما كانت معتقداته وميوله وديانته أن يتعرض لمقدسات المسيحية.

مشكور كل من استنكر هذا التصرف وأدانه وتحرك أكان رجل دين أو سياسي أو مسؤول أو مؤمن أو غيرهم… ولكن كم مرة صلبنا نحن المسيح؟

كم من المرات صلبنا المسيح من خلال عملنا اليومي وتصرفاتنا وقرراتنا؟

كم مرة لم نساعد الفقير؟ وكم مرة قصرنا بواجباتنا؟

كم من فقير لم نستقبله في مدارسنا ومستشفياتنا ومؤسساتتنا؟

كم مرة سرقنا وهدرنا المال العام؟ كم مرة ارتشينا من الخارج والداخل؟ كم مرة قصدنا الفقير والمظلوم ولم نستمع إليه؟

أنت أيها المسؤول كم مرة صلبت المسيح؟ كم مرة بموكبك وعناصرك أزعجت المارة بحجة أمنك؟ كم مرة استعملت منصبك للضغط والتخويف؟ كم مرة ظلمت المتهمين معنويا أو جسديا؟ كم مرة حكمت ظلما على الضعفاء والأبرياء؟ كم مرة قصرت بوظيفتك؟ كم من مستقبل دمرت بأخطائك؟

أنت أيها الموظف والعامل كم مرة قصرت بعملك وعطلت أعمال الناس وارتشيت وتجاوزت القانون؟

إن الله يحاسب كل الناس حسب وزناتهم فمن أعطى له الكثير طلب منه الكثير.

إن كل أنسان فاسد هو من يصلب المسيح فعليا ويهين دينه أكثر بكثير بما فعلت صفحة الفايسبوك ” For a Secular Lebanon” ومن كل من تطاول على أي رمز ديني.

أنا لا أدافع عن أحد يتعرض لأي رمز ديني لكن فقط أريد أن أقول أن أعمالنا الخاطئة هي من تتطاول على ديننا أولا ومن بعدها يأتي الآخرين.

(الأنباء)