بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

د. صلاح ابو الحسن

قبل “الإستقالة” والتشكيك في دستوريتها، وقبل “الـتريث”، وفذلكاتها الدستورية وقانونيتها، وبعد “الرجوع” عن الإستقالة تحت سقف “النأي بالنفس”، لا يزال التساؤل قائما: ما الذي تغير؟؟
لن نعود الى مرحلة انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، ولا الى مرحلة “خطاب القسم” ولا الى التشكيك بقدرات الجيش اللبناني في التصدّي للإرهاب وسرقة انتصاراته.

لكن زيارة قيس الخزعلي تستدعي التوقف عندها كرسالة سياسية لها معانيها ومغازيها واهدافها وأغراضها السياسية والعسكرية، خاصة ان الزيارة تأتي قبل اعلان الرئيس الأميركي ترامب قراره الإعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي، واللافت اكثر، إفشاءها بعد إعلان ترامب، “موّثقة بفيديو” بعد ستة أيام من حصولها من قبل حزب الله.

السؤال لماذا تعمّد الحزب نشر فيديو الزيارة في هذا التوقيت؟ وهل حصلت الزيارة دون علم الأجهزة الأمنية اللبنانية؟ ولماذا تكتمت هذه الأجهزة عليها؟.
والسؤال ايضا، هل كان فخامة الرئيس ودولة الرئيس وحكومته على علم بهذه الزيارة؟ كون الخزعلي دخل لبنان بصورة قانونية.
قبل “الإستقالة – الأزمة” قال السيد حسن نصرالله في يوم القدس: “يجب أن يعرف العدو أنه إذا شنّ حرباً على سوريا أو على لبنان فقد تفتح الأجواء لمئات الآلاف من المجاهدين ومن كل العالم ليكونوا شركاء في هذه المعركة من العراق واليمن وإيران وأفغانستان وباكستان. ان محور المقاومة مصيره واحد”، فهل بدأت الترجمة الفعلية لخطاب السيد؟

لكن ان يأتي قيس الخزعلي قائد جيش “اهل الحق” التابع للحشد الشعبي في العراق، ويدخل بلباسه العسكري وبمرافقة ومواكبة حزب الله الى الجنوب، وانتهاك القرار الدولي 1701 وعلى مرأى قوات “اليونيفيل”، فذلك يطرح الكثير من التساؤلات، بعد ربط “العودة عن الإستقالة” بـ”النأي بالنفس” وموافقة كل الأطراف اللبنانية بمن فيهم “الممانعون” على ما اشترطه الرئيس الحريري.
فأي “نأي بالنفس” يمكن أن ينتظره اللبنانيون؟؟.. وهل عدنا الى “اعلان بعبدا” الذي توافق عليه يومها الجميع، ثم ظهر من قال لنا “بلطو البحر” و”انقعوه واشربوه”..
هل يعني ذلك، ان اعلان حزب الله انسحابه من العراق يعني اصطحاب جيش “اهل الحق” التابع للحشد الشعبي الى جنوب لبنان،وان الخزعلي جاء الى الجنوب اللبناني لاستطلاع المنطقة التي سيتموضع فيها؟ وهل تم تعيين قيس الخزعلي ملحقا عسكريا للعراق في لبنان، وحزب الله سفير لبنان في العراق بانتظار تعيين قاسم سليماني سفيرا متجولا للحرس الثوري الإيراني في العراق وسوريا ولبنان؟ وهل قدوم جيش “اهل الحق” هو باكورة الجيوش الأخرى؟

داعش اراد الغاء الحدود بين الدول والكيانات العربية واسقاط “سايكس بيكو”،وايران تريد عبر نظرية “تصدير الثورة” وتحقيق حلم “الهلال الشيعي” الغاء الحدود بين الدول العربية التي هي اختراع استعماري “امبريالي” “صهيوني”.

الفارق الوحيد هنا، بين داعش والخزعلي، ان الاول دخل الى سوريا والعراق ومصر واوروبا بدون جواز سفر، فيما الثاني دخل بجواز سفر عراقي عسكري. الاول دخل لإعلان “الدولة الإسلامية” والثاني دخل لإعلان “الهلال الشيعي” وتكريس سيطرته على العواصم العربية الأربعة. الأول دحره صانعوه، اما الثاني فلا يزال يراوده حلم “تصدير الثورة”.

بعد كل هذا، اين اصبح “النأي بالنفس” يا دولة الرئيس؟ أوليست زيارة الخزعلي تحديا صريحا وواضحا لكل ما شهدناه؟ وهل كنا بحاجة لكل هذه “المسرحية الهزلية” في رحلة “بطوطية” التي امتدت شهرا كاملا من الإستقالة “المستحيلة” و”المشبوهة” المتنقلة من المملكة العربية السعودية الى باريس فمصر وقبرص وصولا الى بيروت؟ سبحان الله البعض يفطر على قشرة بصلة!.

الهلال الشيعي

داعش يعتبر ان كل من لا يناصر دولته مخالف لشريعته بمن فيهم ابناء مذهبه، وبالتالي دمه مهدور و”سبيه” حلال. فيما ايران وادواتها في المنطقة يعتبرون ان من لا يناصر “الهلال الشيعي” يجب إخضاعه، وممارسة “الترانسفير” عليه بعد تجويعه كما حصل في سوريا وتصنيف من لا “يخضع” ولا يؤيد تصدير الثورة ولا يؤمن بـ”صاحب الزمان” ارهابيا متمردا.

وهل يمكن فصل ممارسة النظام السوري عملية التغيير الديموغرافي برعاية ودعم ايراني عما قاله بشار الأسد للصحافيين عام 2016: “إن النسيج الاجتماعي السوري اليوم أفضل مما كان عليه قبل الحرب”؟.

حبذا يا “سيّد” لو جئت قبل اريعين سنة، يوم اغتال من تسميهم اليوم “ممانعة” كمال جنبلاط شهيد الحركة الوطنية اللبنانية وشهيد فلسطين و”القدس” وامين عام “الجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية”، واغتالوا ياسر عرفات وصلاح خلف “ابو اياد” وخليل الوزير “ابو جهاد ” وجورج حبش ورفاقهم سياسيا عبر شرذمة الثورة الفلسطينية الى فصائل متناحرة متقاتلة، ويوم تآمر “الممانعون” انفسهم ودكّوا مخيم تل الزعتر بالمدفعية وكانت “الصاعقة” يومها رأس حربة الممانعة. فكيف تنتظر يا “سيّد من التقسيميين ان يوحدوا الشعب الفلسطيني؟ دون ان ننسى توجيه البندقية “المقاومة والممانعة” ضدّ شعب شقيق صُنّف ارهابيا لأنه طالب بالحرية، ونسينا فلسطين وشعب فلسطين لحوالي سبع سنوات، وهنا الشكر “الكبير” للرئيس دونالد ترامب الذي عاد وذكّر الممانعين بفلسطين، يوم اعلن ان “القدس” عاصمة اسرائيل!.

وبين نداء الرئيس سعد الحريري بـ”النأي بالنفس” عن الصراعات العربية والإقليمية، وبين نداء جيوش “اهل الحق” و”صاحب الزمان” ومن هم قادمون الى جبهة الجنوب، الذين يعتبرون ان الطريق الى القدس تمر عبر جنوب لبنان، يصبح “النأي” كذبة كبيرة. فهل سيبقى الحريري متمسكا بالغطاء السنّي الى جانب الغطاء الشيعي لسياسة الهلال الفارسي؟!.

اما مسرحية ترامب واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، فنخشى ان يكون هدفها زيادة التطرف العربي والإسلامي وتقوية “الممانعة” المتطرفة “بشقيها” على حساب الإعتدال، حيث إن مصالح اميركا مع التطرف وليس مع الإعتدال. قالها اوباما لصحافيين اجانب عام 2013: “نحن مع الشيعة وليس مع السنة”.
وتبقى مشكلتنا اننا شعب لا يقرأ! والسلام على من اهتدى.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!

حقيقة تؤلمك خير من كذبة ترضيك