كمال جنبلاط وإحتمال الياسمين

علاء لؤي حسن

أنباء الشباب

حينما ننظر الى الحروب والصراعات الطائفية والمذهبية التي تعصف بمنطقتنا وإلى واقعنا اللبناني، ندرك كم نحن بحاجة في بلدنا الى قائد مثله يزاوج ما بين الفلسفة والسياسة، وتجتمع فيه شاعرية رقيقة وأدب إنساني رفيع، هكذا كان كمال جنبلاط حالةً فريدة بين أقرانه من أهل السياسة. كان سباقاً في فهم الإشكالية اللبنانية، منادياً بالعلمانية وبدولة المواطنة التي مازلنا نحلم بها حتى يومنا هذا!.

وصفه الكاتب السياسي موريس دوفرجيه بأنه “آخر رجل دولة في العالم العربي”، ومما لا شك أن البرنامج المرحلي للحركة الوطنية الذي صاغه ونادى به قبل نصف قرن مازال في خطوطه العريضة صالحاً إلى يومنا هذا-، لاسيما مع اسشتراء الفساد بين طبقة الحاكمين. ولو اقتنع الساسة بما نادى به أنذاك لتجنب لبنان حرباً أهلية مازلنا نعاني من ذيولها حتى يومنا هذا.

صحيح أن كمال جنبلاط ولد في بيت ارستقراطي وتوفرت له وسائل الرفاهية التي أتاحها عصره، غير أن ذلك لم ينعكس على سجيته الإنسانية، فكان هو هو في بساطة العيش والترفع عن المال، وكان هو نفسه الإنسان المهذب المتواضع الرقيق الحاشية على إعتداد بالذات وصلابة في المواقف التي تمس المبادئ والقناعات. وفي جانب أخر كان كمال جنبلاط رجل دولة يتقن نسج التحالفات بما لا يحرفه عن صراط المبادئ والأهداف فكان يدرك “فن الممكن” إلا متى اصبح الممكن هو التفريط في المبادئ. وهكذا عندما كان عليه أن يفرط لينجو، قال: لا .. وكأن شخصية “أحمد العربي” تجسده غنائية محمود درويش:
ستقول: لا، ستقول: لا
لا وقت للمنفى وأغنيتي
سيجرفنا زحام الموت فأذهب في الزحام
لنصاب بالوطن البسيط وبإحتمال الياسمين

(أنباء الشباب، الأنباء)