وحشة الفراغ تحاصرنا!
سارة ابو حمدان
2 ديسمبر 2017
أنباء الشباب
لم ينتابني هذا الشعور من قبل، شعور الغصة والأسى، شعور كانقباض الروح وشلل الحركة. في شوارعك بيروت، نحادث أشباح مارة ونستمع لاحاديث من الوهم. الوحشة التي تسكنك مزقت ارواحنا، فالطرقات فرغت من البشر وقاتلتنا عمارة تصارع الماساة هي الاخرى.
لم يسبق لي ان ادركت حزنا بهذا القدر، حزنا لا بل خيبة، فصديقة لي همست بقربي: “ما بتحسي حالك بمسرحية وكل شي خلص؟”. هنا توقف الزمان عندي، استدلت عتم الاسواد على مخيلتي، اين بيروت؟ اين الحياة فيها؟ هل حقا هي مسرحية؟ هل انتهت؟ ان كانت مسرحية، اين ابطالها؟ الا يفترض ان يكونوا حقيقيين؟ اية ادوار لعبوا؟
دعيني يا بيروت، اعتذر منك، دعيني اتمشى فيك بلا ان تعاتبيني، بلا ان تصفعني جدرانك كما لو انها انهارت، بيروت استنزفوا فيك كل حياة، وانت تحاولين احياء الحطام وبث الروح في الاموات، تحاولين التقاط انفاسك لتكملي مسيرة النجاة.
كلهم غدورا بك، وبت صفقة بين ايديهم، ايعقل ان تكون هذة الازقة ككهف مهجور، كالرماد، كالغربة، كوجه عجوز تخلوا عنه اولاده، فاختفت ملامح الحياة منه وشاخت سعادته وهرم جسده من كثرةٍ ليتها تزينت بالحب بدل الكره والخذلان.
اعطوا الامان، السلام والحب فرصة، فبيروت ست الدنيا ومهد الحضارات، بيروت هي راقصة خلت حذائها في شتاء ايلول، غردت طارت كالعصافير في الامطار، دمرت، شوهت، ضعفت، لكنها ابدا ما انكسرت ولن تنكسر، ستبقى بيروت!
الى كل امراة ورجل، يتنشقون رائحة الوطن، يعاندون الآلام كلها متمسكين بما تبقى.. الى كل من يحب بيروت، الى كل انسان انساني! احضنوا بيروت، لا تسمحوا لها ان تتاذى اكثر، اجمعوا طاقاتكم قواكم وكل ما فيكم واعطوا لبيروت قبلة الحياة، من ثم احتفلوا!
(أنباء الشباب، الأنباء)