باريس قوة وسيطة في الشرق الأوسط

إيزابيل لاسير (الحياة)

منذ بدء الحرب في سورية، تراقب إسرائيل تفاقم «المشكلة الإيرانية» يوماً بعد يوم. ولن يساهم السلام الموعود بعد سقوط داعش و«انتصار» بشار الأسد في تذليل هذه المشكلة. «نخشى دمج الميليشيات الشيعية التي شاركت في الحرب في الجيش السوري، وأن يجول ويصول «حزب الله»، وهو ذراع طهران المسلحة، في سورية»، تقول سيما شين، مسؤولة سابقة في الموساد. وتعاظم النفوذ الإيراني في المشرق هو «منعطف» يقلب المعطيات. وتتهم إسرائيل عدوها الإيراني اللدود باقتناص فرص سنحت في سورية إثر الحرب وبروز توازنات عسكرية جديدة لنشر قواتها وقوات «حزب الله» في جنوب سورية.

وطوال الحرب، حددت إسرائيل «محظورَين» في سورية: نقل السلاح إلى «حزب الله» ونشر «خلايا إرهابية» على الحدود. لذا، شنت ضربات جوية على قوافل سلاح لـ «حزب الله» في المنطقة. ولكن الخطر يتعاظم. «فمرابطة «حزب الله» العسكرية على مقربة من الجولان تهدد شمال إسرائيل كله»، يقول فريديريك أنسيل، خبير في الشؤون الإستراتيجية. وقررت إيران المرابطة في سورية حيث يشيّد ضباط وميليشيات شيعية قواعد عسكرية في دمشق، على بعد 30 كلم من الحدود الإسرائيلية.

وليس تعاظم النفوذ الإيراني ما يقلق القادة الإسرائيليين فحسب. فبروز محور روسي – إيراني متين يبعث على القلق. «لم تعد العلاقة بين موسكو وطهران زواج مصلحة بل علاقة إستراتيجية. فإيران ترسخ نفوذها في المنطقة، وعلاقاتها بروسيا عسكرية واقتصادية»، تقول سيما شين. وفي هذا السياق الإقليمي، تبحث إسرائيل عن حلفاء، سواء كانوا إقليميين أم أميركيين. ولم تنظر تل أبيب بعين الرضى إلى الاتفاق الإيراني. ولكن العودة عنه متعذرة، وترى إسرائيل أن في المتناول محاسبة المجتمع الدولي إيران على ملفين: برنامج الصواريخ الباليستية والهيمنة الإيرانية في الشرق الأوسط. وغرّد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خارج سرب دول الاتحاد الأوروبي حين أعلن وجوب مفاوضة الإيرانيين على هذين الملفين. ولكن الإسرائيليين يرون أنه يفتقر إلى سبل إقناع الشركاء الأوروبيين بمسعاه. ففيديريكا موغريني، وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، رفضت الاقتراح الفرنسي. وعلاقات فرنسا الثقافية والتاريخية في المنطقة هي جسر مبادراتها الإقليمية لتخفيف التوتر بين العواصم العربية وإيران والتوسط في الأزمة اللبنانية. ولكن دالتها على طهران محدودة. وتسعى باريس إلى إنقاذ الاتفاق النووي، وولوج السوق الإيراني المجزي والواعد. ويقال إنها رفضت النزول على طلب إسرائيل الضغط على التعاملات الإيرانية المالية في لبنان. و «لن يغامر ماكرون في المنطقة. ولكنه يملأ فراغاً خلفه الأميركيون. فتؤدي باريس دور القوة الوسيطة أو الملجأ والفيصل في الحرب الباردة بين المحورين السنّي والشيعي في المنطقة»، يقول فريديرك أنسيل.

* مراسلة، عن «لوفيغارو» الفرنسية