قوة لبنان في حياده!

وسام القاضي

تاريخ لبنان لم يبدأ منذ عشر سنوات أو عشرين سنة، تاريخ لبنان لم يبدأ مع ظهور هذا الحزب أو ذاك، وتاريخ لبنان لم يبدأ مع قوة هذه الميليشيا أو تلك، فتاريخ لبنان مر في حقبات ومحطات كثيرة عبر التاريخ، وكان ملجأ لكل مجموعة إضطهدت في المنطقة، وتشكل لبنان من مجموعات مختلفة ومتنوعة شكلت الشعب اللبناني الذي يحتضن 18 طائفة، وهذا المزيج الفريد من نوعه يعطي الأسباب الحقيقية للجوء هؤلاء الفئات للإقامة عبر التاريخ في هذه البقعة الجغرافية التي سميت لبنان.

لم يتوحد الشعب اللبناني يوما على موقف موحد في السياسة الخارجية، حيث كانت كل مجموعة تتعاطف مع مثيلاتها المرتبطة فيها في الخارج، وهذا الأمر أثر بشكل مباشر على قوة الدولة اللبنانية وهيبتها، فأصبح المواطن يلجأ بمرجعيته إلى زعامته المذهبية لا إلى دولته الرسمية، فظهر التوافق كشعار مبدئي تسير الدولة على أساسه بكافة قراراتها وخطواتها، وما الحروب التي مرت على لبنان عبر التاريخ سوى دليل مباشر على التدخلات الخارجية التي تدعم هذا الفريق ضد ذاك، وكان الشعب اللبناني بشكل أساسي يدفع فاتورة تلك الحروب من خراب ودمار وضحايا بشرية.

لبنان

لا يمكن للبنان أن يتخذ موقفاً في السياسة الخارجية يستند لدعم هذا المحور أو ذاك لأن في ذلك زعزعة للوضع الداخلي، ولا يمكن حسم المواقف من خلال قوة هذا الفريق أو ذاك، فمهما تعاظمت القدرة الصاروخية لحزب الله ولو وصلت إلى مئة ألف صاروخ فإنها لا تقدر أن تختصر موقف الشعب اللبناني بأسره، والطريقة التي تم التعاطي فيها بكافة الملفات الإقليمية والدولية من قبل حزب الله لا يمكن أن تتكامل مع دور وموقع لبنان على الخارطة الدولية، فالتوازن العسكري مع إسرائيل وفق نظرية حزب الله لا تتيح له أن يتحكم بالسياسة الخارجية للبنان وتحديد المواقف مع هذا المحور أو ذاك.

حزب الله

لبنان لا يستطيع أن يعادي الخليج العربي، هذا الخليج الذي فتح أسواقه للأجيال اللبنانية في ظل دولة لبنانية عاجزة غارقة في الفساد، لا تنظر إلى إحتياجات ومستقبل أبنائها، فالمواطن اللبناني لا يعنيه من قريب أو بعيد ما يجري في باكستان، أو اليمن أو البحرين، ولا ما يجري في العراق، فيكفيه معاناته بحروب الآخرين عل أرضه في حقبات عديدة ومتنوعة.

السلاح المطلوب هو فقط لحماية الحدود اللبنانية، وحياد لبنان هو مبعث قوته، لأن حول هذا الحياد تتلاقى مكونات الشعب اللبناني، فكفانا خطابات رنانة، وشعارات فضفاضة، فكل مجموعة لبنانية إتخذت خيارات لها وفق إنتماءاتها ولن تغير موقفها إن إستمعت إلى هذا أو ذاك، وبالتالي فإن الحياد الإيجابي هو النقطة المشتركة لتلاقي تلك المكونات.

ماذا تفعل لنا القدرة الصاروخية الضخمة لحزب الله في حال إتخذت دول الخليج قرارا بإبعاد اللبنانيين العاملين في الخليج العربي، هل ستفتح الجمهورية الإسلامية في إيران أسواقها لإستقطاب هذا الكم الهائل من اللبنانيين العاملين في الخليج بمختلف إنتماءاتهم المذهبية؟

إيران-والسعودية-و-لبنان

لا نريد معاداة إيران ولا معاداة السعودية، نحن مع الحياد الكامل وعلى المسؤولين اللبنانيين في سدة الحكم أن يتحملوا مسؤولياتهم ويتخذوا مواقف لمنع أي تهجم على أي محور من المنابر اللبنانية، فلبنان لا يتحمل صراع المحاور، والساحة اللبنانية هشة وقابلة للإنفجار في أي وقت، كما وأن المجموعات اللبنانية التي تشكل مجموع الشعب لا تريد الإنتماء في أحضان هذا المحور أو ذاك، وليتمحل كل طرف مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان، من أزمة إقتصادية إلى أزمة سياسية، فمستقبل البلاد في خطر ولتعود العقول إلى أحجامها الطبيعية، بالتعقل والحكمة.

*رئيس جمعية كمال جنبلاط الفكرية

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم وسام القاضي

كتاب مفتوح إلى السيد حسن نصرالله

ويبقى المقدم شريفاً في ذكراه السنوية

المرحلة الجديدة تتطلب تغييراً جذرياً بأسلوب العمل

عندما يرتقي التقدميون الإشتراكيون الى مستوى المرحلة

ما بين التوريث السياسي والوراثة الإقطاعية

زهرة على ضريح المعلم

تقاطع المصالح والحسابات الخاصة

عودة الثنائيات وشد العصب!

الرقص على حافة الهاوية 

يوم الوفاء

وطن على شفير الهاوية

الجمعية العامة للحزب في ظل ما يحيط بالمنطقة من أجواء ملتهبة

الدور الوطني للحزب التقدمي الإشتراكي

التمثيل الصحيح بالعدل في حقوق المواطنين

النسبية قناع للنفوذ المذهبي المتشدد

تقسيم السلطة أخطر من تقسيم الوطن

أزمة النظام اللبناني بعد رفض المثالثة!

الإستقلال المكبَل بالإرتهان!

ذكرى ثورة فكرية في عصر التخلف والإنحدار

ماذا عن اليوم التالي للإنتخابات؟