حياة او موت … بين ترامب وبيونغ يانغ

شنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة عنيفة على الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ووصف بلاده بـ “جحيم لا يستحقه أحد”. واعتبر أن السلاح النووي الذي يطوّره يجعل نظامه “في خطر جسيم”، محذراً من “اختبار” الولايات المتحدة وقوتها. لكنه أبدى استعداداً ليعرض على كيم “طريقاً نحو مستقبل أفضل بكثير”. خطاب ترامب الذي بدأ به جولة آسيوية إلى اليابان وكوريا الجنوبية والصين وفيتنام، تزامن مع توجّه ثلاث حاملات طائرات أميركية ومجموعاتها القتالية إلى غرب المحيط الهادئ، لتنفيذ تدريبات ولعرض نادر للقوة البحرية الأميركية في المنطقة.

وقال ترامب امام برلمان كوريا الجنوبية، أن النظام الكوري الشمالي هو “أبعد ما يكون من تقدير أبناء شعبه، بوصفهم مواطنين متساوين”، لافتاً الى أن “هذه الديكتاتورية القاسية تقيسهم وتصنّفهم وترتّبهم على أساس ولائهم للدولة، بناءً على أكثر المؤشرات تعسفاً”. وتابع أن المواطنين يعانون في معسكرات اعتقال، وأن بعضهم يدفع رشاوى لمسؤولين حكوميين ليعملوا مثل عبيد في الخارج، بدل العيش في ظل حكومة بلدهم. واعتبر أن “كوريا الشمالية دولة تحكمها طائفة”.

aptopix-trump-china

وبلهجة أقل حدة دعا الرئيس الأميركي نظيره الصيني شي جين بينغ في بكين، إلى التحرك بسرعة لحل الازمة الكورية الشمالية، محذراً بأن “الوقت يمر بسرعة”. وأمل “أن تتحرك الصين بصورة أسرع وأكثر فاعلية من أي طرف آخر حيال هذه المشكلة”.

وقبل لقائه المتوقع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال قمة لـ (منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ) (أبيك) في فيتنام، دعا ترامب موسكو التي ترتبط بعلاقات اقتصادية مع بيونغ يانغ، إلى المساعدة أيضاً في معالجة هذه المسألة. وقال: “أدعو روسيا أيضاً للمساعدة في السيطرة على هذا الوضع الذي قد يصبح مأسوياً”.

104573816-GettyImages-810261630.1910x1000

لهجة ترامب تجاه كوريا الشمالية، والتي لم تخلوا من التهديد باستخدام القوة، إلا أنها برأي دبلوماسي غربي “تلتزم سقف الضوابط التي سعى الى فرضها وزيري الدفاع والخارجية الأميركيين (ماتيس) و(تيلرسون)، والتي تنسجم مع إيقاع الموقف العميق للمؤسسة الأميركية صانعة القرار”.

حيث بدا واضحا أن الرئيس الأميركي  يدفع الأزمة الكورية نحو الحل الدبلوماسي، ويعمل على دفع بكين الراعية الأولى لنظام (بيانغ يونغ) التزام هذا الاتجاه، وهذا ما كان مدار بحث مطول في اللقاءات التي عقدها ترامب مع نظيره الصيني شي جين ينغ والذي حثه على “التحرك السريع قبل فوات الأوان” وفق الاتجاه المناسب لواشنطن ولمقاربتها للأزمة الكورية بعيداً عن طبول الحرب واحتمالاتها الخطرة نووياً.

ترامب الذي دعا بكين الى العمل من أجل حل دبلوماسي مع بيونغ يانغ، كان قد هزأَ من وزير خارجيته ريكس تيلرسون ومن محاولته التفاوض مع كوريا الشمالية لوقف برنامجها الخاص بالأسلحة النووية، وكتب على حسابه على تويتر في حينه: “لقد أخبرت ريكس تيلرسون، وزير خارجيتنا الرائع، بأنه يضيع وقته في محاولة التفاوض مع الرجل الصاروخي الصغير”، في إشارة إلى زعيم كوريا الشمالية. وأضاف ترامب: “وفر وقتك يا ريكس، سوف نفعل ما يجب أن نفعله!”.

U.S. President Donald Trump (C) defers to Secretary of State Rex Tillerson (L) to answer a reporter's question after their meeting, also including U.S. Ambassador to the United Nations Nikki Haley (R), at Trump's golf estate in Bedminster, New Jersey U.S. August 11, 2017. REUTERS/Jonathan Ernst

بكين من جهتها  تفرص عقوبات تجارية واقتصادية على كوريا الشمالية، وأوقفت مبادلاتها التجارية وقطعت الروابط المصرفية معها، وفق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2375 الذي ينص على فرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ، تحد بدرجة كبيرة من قدراتها في مجال التصدير والاستيراد، وتعتبر هذه العقوبات التي فرضها مجلس الأمن بالإجماع في أيلول الفائت ردا على تجاربها النووية، هي الأكثر شدة من قبل المجتمع الدولي في القرن الحادي والعشرين.

كما سبق أعلنت معارضتها لتجارب بيونغ يانغ للصواريخ البالستية، في أب الماضي، واعتبرها انتهاكا لقرارات مجلس الأمن الدولي. كما وتلتزم إدارة شي جين ينغ “كبح قدرات كوريا الشمالية الصاروخية وقدراتها النووية من خلال حل سلمي ودبلوماسي”.

ما تسميه واشنطن (خطر جسيم) في العقدة الكورية الناتجة عن امتلاك القنبلة النووية والصواريخ البالستية، تعتبره كوريا الشمالية “مسألة حياة أو موت”، وترفض أي محادثات مع الولايات المتحدة بشأنها. حيث نقلت وكالة الإعلام الروسية عن تشوي سون-هوي، مدير عام قسم أميركا الشمالية بوزارة الخارجية الكورية الشمالية، قوله في مؤتمر بموسكو عن منع الانتشار النووي، إن على الولايات المتحدة أن “تتقبل” وضع كوريا الشمالية النووي.

وقال “هذه مسألة حياة أو موت بالنسبة لنا. والوضع الحالي يغذي شعورنا بأننا بحاجة لأسلحة نووية لصد أي هجوم محتمل”، قبل أن يضيف “سنرد على النار بالنار”.

وكان منسوب التوتر حيال البرنامجين الصاروخيين النووي والبالستي لكوريا الشمالية، قد ارتفع بعد إطلاقها عدة صواريخ بالستية، وإجرائها تجربة نووية سادسة لقنبلة هيدروجينية، تفوق قوتها بأضعاف التجارب النووية السابقة. حيث دارت في حينه بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، حرب كلامية من العيار الثقيل، تبادلا فيها شتى أنواع الإهانات الشخصية.

1280x960

حيث هدد ترامب بيونغ يانغ بـ”دمار شامل” إذا اضطرت الولايات المتحدة للدفاع عن نفسها أو عن حلفائها، في حين أطلق كيم تهديدات مماثلة. فأعلنت وزارة الخارجية لكوريا الشمالية، أن السلاح النووي الكوري الشمالي موجه ضد الولايات المتحدة فقط، وأن وبيونغ يانغ لن تستخدمه ضد دول أخرى. مقابل ذلك أجرت كل من الولايات المتحدة الأميركية وكوريا الجنوبية تدريبات عسكرية بحرية شارك فيها نحو 40 سفينة للقوات البحرية من البلدين استمرت من يوم 16 تشرين الأول وحتى 20 من الشهر نفسه، ومن بين هذه السفن حاملة الطائرات الأميركية رونالد ريغان.

يذكر، أن كوريا الشمالية أعلنت يوم 3 أيلول الماضي، أنها قامت بتجربة ناجحة لرأس مدمرة هيدروجينية، هي السادسة من نوعها، مخصصة لاستخدامها في الصواريخ البالستية العابرة للقارات، وسبق ذلك بأسبوع واحد إطلاق صاروخ بالستي حلق فوق أراضي اليابان.

وكانت الأقمار الاصطناعية الأميركية قد التقطت عدة صور للغواصة التي كانت راسية على احدى شواطئ كوريا الشمالية، لكن بعد فترة وجيزة استطاعت الأقمار الاصطناعية ملاحظة تغييرات في الصور أكدت أن الغواصة الكورية الشمالية اختفت من مكانها.

وسمت المخابرات الأمريكية الغواصة باسم “سينبو-س”، ويقدر الخبراء أن الغواصة تزن حوالي 2 طن ويبلغ عرضها حوالي 11 مترا. ما يدل من هذه الأحجام أن تلك الغواصة قادرة على حمل رؤوس نووية وبالستية.

فوزي ابو ذياب – الانباء