سلسلة الرتب والرواتب..

فيصل مرعي

الناظر الى الازمة الاقتصادية- الاجتماعية في لبنان، يرى ان معظم الطبقة السياسية، هي في اساس هذه الازمة، خصوصاً وانها القيّمة على لقمة عيش المواطن، والمسؤولة الوحيدة عن مصير البلاد والعباد. واليوم بعد هذا الاستقرار السياسي، الذي ساد البلاد طولها وعرضها، لا مبرّر للادعاء بالعجز المالي، والانكماش الاقتصادي. هذا الاستقرار السياسي من الطبيعي ان يؤدي الى وضع اقتصادي- اجتماعي مريح، والى ازدهار، وانفراج، اراحة للشعب، بعد طول حرمان من أدنى مقومات العيش الكريم، طال الفقراء والطبقات الشعبية برمتها، في وقت معظم الطبقة السياسية تتنعّم بخيرات وثروات الوطن دون حسيب او رقيب، والجميع غارق في بطون أزمة اقتصادية لا يعرف الا الله ما اواخرها!

أما اليوم، وفي ظل هذه الهُراء، والهرطقة عن ان هنالك ازمة اقتصادية، فهو كلام بكلام لا غير. ففي كل مرة يدور الكلام حول سلسلة الرتب والرواتب، والتي هي حق شرعي وطبيعي لكل القطاع العام، والقطاع الوظيفي عامة، تروح هذه الطبقة تتباكى وتتذرّع بالعجز المالي، وبشح الموارد، في وقت ملايين الدولارات قابعة في جيوبهم، ناهيك عمّا يدخرونه من اموال وودائع، هنا وهناك ليست من نِتاجهم، ولا من عرق جبينهم.

ولو أعطت الدولة الحق لاصحابه، بالالتزام تباعاً بمؤشر الغلاء، وتدريجياً، لما وصلنا الى ما وصلنا اليه، ولَمَا كان هذه التردّي الاقتصادي الاجتماعي، ولّما كنا على ابواب انفجار اجتماعي، قد يعود بنا جميعاً الى ما لا تُحمد عقباه، علماً انه كان من السهل وقبل وقوع الواقعة، تأمين تمويل السلسلة: بالتوازي بين النفقات والواردات، والحد من الهدر والفساد، والبعد عن المصالح الشحصية، والصفقات والسمسرات. فدائماً يهددوننا بالعجز المالي، واللجوء الى الضرائب، والديون في وقت الفلتان يعم كل المرافق العامة.. فالمدد للسلسلة مؤمن سواء اكان من خلال خفض الضريبة على الارباح لجذب الاستثمارات، ام من خلال فرض الضريبة على ارباح البنوك، والاملاك البحرية والنهرية.. والمؤسف حقاً، انه بين الحين والآخر يُطل علينا بعض جهابذة السياسة بكل دم بارد قائلاً: الحل يكمن في رفع ضريبة القيمة المضافة، وزيادة ساعات العمل، ومعالجة مشكلة الكهرباء.. هذا ليس بحل. هذا، يعني المزيد من العسف والجلْد الاجتماعي.. هذا، دفاع مستميت عن المصارف، وعن الرأسمال العالي. فالمسؤولية تقع اولاً، واخيراً على الطبقة الحاكمة التي وصلت الى سدة الحكم بواسطة قانون انتخابي لا يصلح لمطلع هذا القرن. قانون وضع “الرجل المريض”. قانون سنبقى نعاني من آثاره ومساوئه الى حين وضع قانون انتخابي جديد يحقق التمثيل الصحيح.

في كل الاحوال، ان اي ضريبة تُزاد على سلسلة الرتب والرواتب، هي سلب لجيوب الفقراء، ونهش لحقوق الشعب كل الشعب. كفى تلاعباً بمصير اولادنا، ولقمة عيشهم. وعلى الجملة، نحن لسنا مسؤولين عن التردّي الاقتصادي، والشلل في المؤسسات، وعن تكلفة النزوح السوري، وعن المناكفات والتجاذبات السياسية وعن مكافحة الفساد والهدر..
نهاية. الكلمة الاخيرة للعمال والفقراء، للذين ما يزالون يقتاتون فتات العيش، مؤكدين ان السحر سينقلب على الساحر، طال الوقت ام قصُر. فالذين ينهبون ويعيثون فساداً لن يبقى لهم الا بقايا الأَدَم لا غير.
فليتقِ هؤلاء الله، فما من احد يعرف منقلب الامور، خصوصاً وان العوز يدق الابواب، قارعاً جرس الانذار، في لحظة قد تقلب المقاييس راساً على عقب.. فليتعظ، ويعتبر هؤلاء قبل وقوع الواقعة..
إن إقرار السلسلة، بهذه الطريقة خطأ ما بعده خطأ، باعتبار انها طالت جيوب الفقراء والمنهكين، لا سيما الذي منهم تحت خط الفقر، وأعلت من شأن الرأسمال العالي، الذي لا يعرف للرحمة وللشفقة معنى.
فليحذر هؤلاء غضب الشعب. ففي الاكواخ يفكرون غير ما يفكرون في القصور.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

النزوح السوري وقانون التجنيس..

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…

حلم راود اللبنانيين .. (وأي حلم؟!)