هل ستُفاجأ إسرائيل بالحرب المقبلة كما فوجئت بحرب يوم الغفران؟

لم تستعد أي جهة في إسرائيل كما ينبغي لحرب يوم الغفران [حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973]. وما زلت أذكر أنه قبل يوم واحد من تلك الحرب [التي اندلعت يوم السبت] لم تكن هناك حتى ولا كلمة واحدة في الصحف الإسرائيلية حول ما من شأنه أن يحدث في الغداة. وسار الناس في شوارع المدن كعادتهم في كل يوم جمعة، وجلس بعضهم في المقاهي واستغل معظمهم وقته بانشغالات بيتية. وعندما ذهبوا إلى النوم لم يضعوا خططاً لليوم التالي وكان يوم سبت، نظراً لكونه يوم الغفران ولا يمكن تدنيس العيد المقدس. وفي يوم العيد ركب الأطفال الدراجات الهوائية في شوارع المدن التي كانت خالية من السيارات. وجاءت المفاجأة في ظهيرة يوم الغفران كما لو أنها من عالم آخر، وتسببت بوضع إسرائيل والجيش الإسرائيلي في حالة صعبة للغاية. ولم يكن ينقص الكثير كي يعلن الجيش الإسرائيلي هزيمته ليستعد للدفاع عن تل أبيب حيث بدا أن الطريق بين قناة السويس ووسط تل أبيب بات مفتوحاً لحركة الجيش المصري.

إن كل من لا يؤمن الآن بإمكان إلحاق هزيمة بالجيش الإسرائيلي يقول إنه لا مجال لأي قلق، فلدينا كمية هائلة من الرؤوس النووية وفقاً لوسائل الإعلام الأجنبية، ولدينا كمية هائلة من الدبابات والطائرات المقاتلة بما في ذلك الطائرات الأكثر تطوراً، ولدينا حتى غواصات من المتوقع أن تصبح وسائل قتال أساسية في أي حرب مقبلة. غير أن هؤلاء جميعاً يتحدثون على هذا النحو وكأنه لم تكن هناك حرب يوم الغفران، ولعله يجدر إرسالهم للتجول بين كبار قادة الجيش الإسرائيلي كي يستمعوا إلى وجهة نظرهم بشأن عملية “الجرف الصامد” العسكرية التي قام الجيش الإسرائيلي بشنها في قطاع غزة في صيف 2014.

تعيش إسرائيل في جنة مجانين، والصورة العامة يمكن أن تنقلب رأساً على عقب في غضون ساعة أو ساعتين. يكفي أمر واحد من السيد حسن نصر الله حتى يتحوّل الشمال إلى شعلة نار. كما أن أمراً ثانياً من زعيم حركة “حماس” في غزة يحيى السنوار من شأنه أن يخلف الخراب والدمار في مستوطنات غلاف غزة والمدن المجاورة للقطاع. كلنا يدرك أن العدو المتمثل في حزب الله و”حماس” يعد نفسه ليوم صدور مثل هذه الأوامر. فماذا نفعل نحن؟ هل مخازن الطوارئ مليئة والعتاد فيها كاف؟ وهل الدبابات جاهزة وحاويات الوقود مليئة؟ هذه ليست أسئلة نظرية فقط.

لقد تعرض الجيش الإسرائيلي لضربة قاسية في اليوم الأول من حرب يوم الغفران، ووجد نفسه غير جاهز على الإطلاق، باستثناء وحدات قليلة هنا وهناك. والقاسم المشترك لكل المنتقدين على شتى أنواعهم، هو أن الجيش الإسرائيلي فوجئ تماماً ولم يكن جاهزاً للحرب. وورد هذا بالضبط في تقرير جديد أعده أخيراً عضو الكنيست عوفر شيلح من حزب “يوجد مستقبل”. ومعروف أن شيلح خبير في الشؤون الأمنية وأعد التقرير كي يشير إلى قصور في المجالين الاستراتيجي والعملاني. ومنذ انتهائه من إعداد التقرير يتم تناقله وتداوله بين وسائل الإعلام كي يعد الجمهور والجيش للحرب المقبلة، لكن صوته بقي أشبه بالصدى في الصحراء. وعلى ما يبدو، فليس هذا هو الموضوع الأهم للجدل العام هذه الأيام، ووسائل الإعلام لا تكرس له انتباهاً كبيراً كافياً. وفي المقابل، فإن قيادة الجيش تعاملت مع التقرير بجدية أكبر وحاولت إدخال تعديلات مناسبة هنا وهناك.

إن السؤال المطروح هو: هل سنظل كذلك حتى تأتي صافرة الإنذار التي تصم الآذان كما حدث في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم السبت الذي اندلعت فيه حرب يوم الغفران سنة 1973؟ إن النجاح في أي حرب لا يتم إحرازه من دون الاستعدادات الصحيحة، ونتيجة كل الحروب تتقرر قبل الرصاصة الأولى بكثير. فماذا ننتظر؟

 إيتان هابر – صحافي ومدير عام ديوان رئيس الحكومة السابق يتسحاق رابين

* المصدر: “يديعوت أحرونوت”، نقلاً عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية