السباق الانتخابي إنطلق… والرهان على التناقضات

بدأ الإعداد للانتخابات النيابية بالتفاعل أكثر فأكثر. لا أحد من الأفرقاء السياسيين قادراً على حسم وجهة تحالفاته الانتخابية، لكن المساعي الفعلية بدأت من الجميع، إذ تدور اتصالات بين الحلفاء والخصوم لحسم وجهة التحالفات.

حين يُطرح السؤال على أي سياسي عن تحالفاته، يسارع إلى الإجابة بأن القانون الجديد لا تفيد فيه التحالفات، ويستطرد قائلاً: “القانون معقد جداً، والتحالفات قد لا تؤدي إلى النتائج المطلوبة”، لكنه يستدرك معتبراً أنه لا بد من عقد تحالفات واسعة لضمان الفوز. هذا التناقض، لا ينعكس في مواقف السياسيين فحسب، بل هو الأساس لدى تناول أي فريق سياسي وتحالفاته.

في ما هو مطروح، يتركز البحث بين تياري المستقبل والوطني الحر، على تحالف إنتخابي واسع، فيما يغيب هذا الكلام كلياً بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية.

ستكون الانتخابات المقبلة مزيجاً معقدّاً من التناقضات، يمكن إستشرافها منذ اليوم. وعلى سبيل المثال، كلام الثنائي المسيحي المناقض للواقع، عن أهمية تحالفه، وأن ما بينهما زواج ماروني غير قابل للانفصال، فيما الوقائع مختلفة تماماً.

في غمرة هذه التعقيدات، تبرز مساع جديدة لإعادة إحياء الثنائيتين القديمتين، أي 8 و14 آذار. وهناك مساع دولية ومحلّية لإعادة إنتاج تحالفات سياسية على هذا الأساس. لكن، دون ذلك عقبات كثيرة، سواء أكان على مستوى التحالفات أو النتائج، فلن يكون بإمكان المستقبل مواجهة حزب الله في بيروت الثانية بدون تعرّضه لخروقات وخسارته عدداً من المقاعد. الأمر نفسه في صيدا، وكذلك بالنسبة إلى التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية في كسروان وجبيل، وفي المتن. وينطبق ذلك أيضاً على وضع المستقبل والتيار الوطني الحر، سواء أكان في زحلة، أم في بيروت الأولى وصيدا والبقاع الغربي وعكار. وكذلك بالنسبة إلى المستقبل والإشتراكي في الشوف وعاليه.

وفق مصادر متابعة، فإن المساعي السعودية التي بدأها الوزير ثامر السبهان في بيروت خلال زيارته الأخيرة، تركزت على إعادة استنساخ تجربة العام 2009، من حيث النتائج. والإعداد لذلك سيبدأ بالتزامن مع تصعيد سياسي في أوساط هذه القوى، بالتزامن مع التصعيد الخليجي والغربي ضد حزب الله وحلفائه. ما يعني أن الماكينات الانتخابية ستبدأ بالعمل إنطلاقاً من الخطاب السياسي، من دون إغفال إعادة إسقاط هذه الخطابات لمصلحة التحالفات، وفق ما تفرضه الواقعية.

وفيما يعتبر البعض أن هناك صعوبات كثيرة تحول دون إعادة جمع قوى 14 آذار، إلا أن الرهان يبقى على القوات اللبنانية وخلافها مع التيار الوطني الحر، الذي بدأ منذ أسابيع العهد الأولى. وآخر محطاته ما حصل في ملف التشكيلات القضائية، إذ سجّلت القوات كثيراً من الاعتراضات على آلية التعيين، بدون حصولها على أي من المكاسب. وحين إعترض القواتيون لدى رئيس الجمهورية، كان جوابه بأن المسألة لدى الوزير جبران باسيل. وهذا ما فهمه القواتيون على أنه رسالة سلبية.

لا تقتصر الأمور الخلافية بين الطرفين على هذا الحد. هناك كثير من مشاريع القوانين التي قدّمها وزراء القوات، لا تزال عالقة في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وهي لا تسلك طريقها إلى جدول الأعمال، بناء على ضغوط من التيار. الأمر الذي ترى فيه القوات استمرار للحصار عليها. وهذا ما أدى إلى ما نقل أخيراً عن لسان أحد وزراء القوات لرئيس الجمهورية، حين قال له: “هيك ما بيمشي الحال”.

ويبقى الرهان الأكبر على إستمرار الخلاف العوني القواتي، والذي قد يسهم في إعادة 14 آذار، هو ملف التطبيع مع النظام السوري، الذي يتفاقم الخلاف حوله. وكل هذه الخلافات تنطلق من حسابات انتخابية، لها علاقة بالترشيحات وبالنتائج المتوقعة. لكن السؤال الأساسي الذي يطرح هنا، عن موقف تيار المستقبل من الخلاف العوني القواتي، وإذا ما كان التيار الأزرق سيبقى على تحالفه مع البرتقالي، أم أنه سيعود ويرفع الراية الحمراء.

ربيع سرجون – الأنباء