ما قاله عون لماكرون غربة وخيال ووجع

محمود الاحمدية

سأحاول في مقالتي كعادتي اعتماد العقل والاعتدال بعيداً عن العاطفة والتأثّر والتأثير… بدأ الرئيس عون زياراته الخارجية إلى السعودية وتفاجأ أكثر المتفائلين بهذه العقلانية وخاصة وباختصار شديد عندما نقول السعودية نتحدّث عن نصف مليون لبناني يعملون فيها في شتى النشاطات ويشكلون درعاً إنسانياً علمياً واقياً للخليج كلّه… واستبشرنا خيراً…

وبدأت الحملات الصعبة المباشرة التي تصل إلى حد الشتيمة بحق السعودية من بعض الفضائيات والإذاعات والجرائد المحسوبة على إيران ونشرت جواً مكروبياً من الكراهية، وبالذات عندما يتركز الهجوم على العائلة المالكة في السعودية… وبعدها بفترة وجيزة كانت زيارة الرئيس عون إلى القاهرة في المؤتمر الشهير، وقوله حرفياً كلاماً أذهل السامعين: الجيش اللبناني ليس بقادر وحده على صدّ العدو وبحاجة دائمة وماسّة إلى المقاومة… وسقطت كلّ الرهانات، والكثيرون الذين لم يتفاجأوا بمواقف الرئيس تفاجأوا بسرعة ردّة فعله الغير مدروسة بتاتاً… فلا عجب على جبران أن يسرح ويمرح. أما اللبنانيين الذين وبكل بساطة يستطيع أي وزير خارجية قديم من عظمائنا أن يعلّمه أصول احترام النفس والابتعاد عن هذه الخفّة التي لا تليق بمن يمثّلهم وبوجهه الصبياني وبضحكته “السحسوحية”… إلهي استر آخرتنا…

لنعد إلى الموضوع الأساس وهو زيارة الرئيس عون إلى الرئيس ماكرون في فرنسا، لقد كان الاستقبال حافلاً وودياً وعائلياً إلى أبعد الحدود، وهذه عادة فرنسا ولكن الذي كرّسها تاريخياً الشهيد رفيق الحريري… والعجب كلّ العجب أنه في الوقت الذي أبدى فيه الرئيس ماكرون كلّ الاستعداد لتنفيذ الوعود التي قطعها للرئيس سعد الحريري أن يكررها من أجل إقامة ثلاثة مؤتمرات مواضيعها الأخيرة “النازحون السوريون” و”الجيش اللبناني” و”الاقتصاد اللبناني”. في هذا الوقت نرى الرئيس عون يقول: 85% من الأرض السورية مع النظام ويستطيع النازحون العودة بسهولة إلى أراضيهم.

ماكرون وعون

وليسمح لنا الرئيس بأن نقول الرقم الصحيح الروس قالوا 87% من الأرض التي كانت تمتلكها داعش تحرّرت، أما ماذا تشكله أرض داعش من سوريا فهو السؤال الأساس! يا جماعة الخير، لماذا هذا الارتماء وهذا الاستعمال، وهذا التغيير للحقائق، وسؤال بسيط أسأله: كل من هرب من سوريا إلى لبنان من نيران النظام سواء كان يحب النظام أو من الثورة، يشكل جزءاً من النازحين، وكلنا نعلم عندما تستتب الأمور في بعض الأماكن التي عادت إلى النظام من الطبيعي أن يعود أعوانه ومحبّوه وعشاقه، إلا إذا استطيبوا المناخ في لبنان حيث الحرية ويا هلا ، والديموقراطية، وحيث احتلوا جزءاً من حياة اللبنانيين اليومية في كل الاتجاهات!!! إذاً لماذا هم باقون؟؟ ألف ألف سؤال وراء ذلك… وإلا فإن الأغلبية الساحقة من الحاضرين الأخوة السوريين من المعارضة ومن رابع المستحيلات عودتهم إلى مناطق كل متر مربع فيها مشنقة لهم!!
وإذا لم ترفق العودة بضمانات الأمم المتحدة – مجلس الأمن فمن يتحمل مسؤوليتهم؟؟ لنعد إلى عقلنا وضميرنا وأخلاقنا ونبتعد من عنصريتنا ويعود السوريون كلهم إلى بيوتهم عندما يرون البيئة القابلة الغير خطيرة في مناطقهم.

خلاصة القول: إنه من غير المنطقي أن يلعب الرئيس ماكرون دور المتوازن تجاه قضية النازحين ويأتي رئيس جمهوريتنا قائلاً 85% من الأرض بيد النظام! لا أريد أن أتكلم عن الإرهاب كلهم في الإرهاب سواسية أي نظام؟ أي نظام؟ أي نظام؟
اجتماع جبران والوليد لن يعيد عقارب التاريخ إلى الوراء والأيام القادمة ستتكلم.

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

 

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة