“سيلفي والدستور خلفي”.. لبنان يدفع ثمن عدم إسقاط “لحود”!

هلا ابو سعيد

يختلف اللبنانيون على الكثير من المسائل، إلا أنهم اتفقوا بغالبيتهم على وصف الوفد اللبناني إلى نيويورك بـأنه “غريب.. وظهر بمظهر دولة عائلية”! ولقد تجلى تمثيل الشعب اللبناني الجائر بالوفد “البرتقالي” بسلسلة صور للزيارة العائلية باسم الشعب اللبناني وتحت شعار “سيلفي والبلد ودستوره خلفي”!

وفوق تداعيات المشهد الحصري لعائلة “بي الكل” الطبيعية والسياسية، ينبلج فجر الممارسات الفاضحة المختبئة بعباءة الدولة ومواقعها الرسمية في عهدٍ لم نشهد مثيلاً لسقطاته الدستورية منذ ولادة الجمهورية في لبنان!

فـ”بي الكل” الذي اصطحب معه عائلته لتمثّل لبنان في الخارج، رأى حرجاً في التواصل مع رئيس حزب القوات اللبنانية بحجة أنه لم يعد بموقع حزبي للتيار الوطني الحر، وبالتالي نصح “الحكيم” بالتواصل مع “الصهر المدلل” بصفته رئيساً للتيار! إلا أن “بي الكل” لا يجد حرجا بالإنحياز عندما يؤدي فريضة الوفاء لحلفائه في المعسكر السياسي التابع لإيران على حساب اللبنانيين وباسمهم جميعاً، فيصرّح متحدياً موقف الرئيس الأميركي غير آبه بتداعيات موقفه على لبنان، فيقول: “لا يمكننا الطلب من حزب الله التخلي عن سلاحه طالما ان اسرائيل تستفز لبنان وأي حل لمسألة سلاحه يجب أن يأتي ضمن اطار حل شامل لأزمات المنطقة”! إذا، قدر “شعب لبنان العظيم” هو انتظار الحل الشامل في المنطقة التي تعيش أزماتها منذ عشرات السنين، ولم تعرف حتى الساعة أصل المشكلة حتى تحلها!

IMG-20170930-WA0060

أما لقاء المعلم-باسيل فيمكن اعتباره مسلّة طبيعية غابت عن نقاش مجلس الوزراء بحجة خطة تجاوز المواد الخلافية حفاظاً على الائتلاف الحكومي، رغم أن رئيس الحكومة سعد الحريري لم ينفِ وجود خلاف سياسي حول التواصل مع النظام السوري!

لسنا هنا بصدد الدخول بمتاهات الممارسات الخارجة عن القانون والسافرة بتجاوزاتها، لكن لا بد من تقديم التهاني لعهد “الإصلاح والتغيير” على جرأة الإعلان عن المواقف الطائفية والمحاصصات والتمييز بين اللبنانيين بكل شفافية وجرأة!

أما المراقب الدقيق للمشهد الداخلي، فلا بد أن يلاحظ بدء مرحلة العضّ على الأصابع بين حليف ما عاد قادراً على لقاء “الرئيس”بحجة ترفعه عن المسائل الضيقة، وآخر يتم تجاوز قراراته بلقاءاتٍ شخصية بعهدة وزارة الخارجية!
لكن، الأهم والذي يجب ان نتوقف عنده، هو موقف المجتمع الدولي من النظام السوري وعلاقة لبنان معه! فترحيب الأمم المتحدة بوجود “المعلم” في الجمعية العامة إلى جانب سفير النظام لديها بشار الجعفري، يؤكد أن المجتمع الدولي ينحاز ويعطي شرعية لنظام بشار الأسد فوق الجرائم وفوق دماء الشعب السوري!

لا شك أننا اليوم أمام مرحلة حرجة في ترقب للمواقف الدولية. ولا بد من قراءة الموقف الرسمي اللبناني في الأمم المتحدة وانعكاساته على الداخل خاصةً أنه يمثل وجهة نظر معسكر حلفاء رئيس الجمهورية! فهل ستصوب الحكومة الموقف أم ستقف بصفه، أم ستكتفي بالصمت لدخول مرحلة خنوع جديدة خوفاً من لعبة شد الحبال الخطرة بين المعسكرين في لبنان، والتي اعتادت أن تجر الويلات بالمواجهات الدموية؟!

IMG-20170930-WA0056

فوق هذه الخريطة الملتبسة من المواقف، يبرز موقف وليد جنبلاط الذي اعتنق الصبر والانفتاح مذهبا منعاً للصدامية! ولقد غرّد بكل وضوح مشدداً: “لا لعودة العلاقات اللبنانية السورية إلى ما كانت عليه” والتاريخ يشهد لمواقف مؤسس الحزب التقدمي القائد الشهيد كمال جنبلاط لرفض التدخل السوري ومواجهة دخول الجيش السوري إلى لبنان. فهل سندخل النفق السوري مجدداً برعاية “بي الكل” وفي ظل طواعية حلفائه وأبنائه؟!

أما بعد، فعلى اللبنانين أن يفهموا أن المجتمع الدولي يدعم القوي على الضعيف.. هكذا تسير لعبة الأمم! والدليل هو انقلاب المجتمع الدولي على قوى الرابع عشر من آذار لعدم تماسك مواقفهم ولغباء ممارستهم لمبدأ الديمقراطية التي شرذمت قوتهم بحجة تمايزهم! حتى وصل الأمر بأقطاب هذا الحلف ليكونوا حلفاء “بي الكل” الذي لا يؤيدون معسكره السياسي!

في خضم هذا الصراع، تدخلت المملكة العربية السعودية بدعواتها الكريمة في محاولة لحفظ ماء الوجه، فهل ستنجح بضبط إيقاع التوازن بعد لقاء “الحريري” مع القيصر “بوتين”؟!

هنا، لا بد من تذكير قوى الرابع عشر من آذار أنهم يدفعون اليوم تداعيات رفضهم لإسقاط عهد “لحود” بحجة أنه “لا يجوز إسقاط رئيس الجمهورية في الشارع!” وذلك بعد أن راهن وليد جنبلاط على وطنية توجهاتهم!

آنذاك ارتفع صوت المذاهب وانتشرت الأعلام المذهبية والحزبية متقدمة على العلم اللبناني وبقي “لحود” الحاكم بأمره ليأتي الفراغ مع انتصار المارونية السياسة وموقعها المقدس على السيادة اللبنانية، وبالتالي قطف أخصام الإستقلال الثاني انتصارهم مجاناً لصالح النظام السوري!

آنذلك قالها وليد جنبلاط “سأقبل بعدم إسقاط إميل لحود احتراما لشعور البعض، لكن، يحق لي أن أذكر للتاريخ فقط: إقالة إميل لحود فرصة تاريخية لن تتكرر”!

آنذاك تمت التضحية بحرية وسيادة لبنان كرمى لمقعد ماروني بعد أن لعبت الأمم لعبتها فسار الحلفاء بتنويم مغناطيسي لإيصال معسكر مخالف لطموحاتهم لسدة الرئاسة كرمى للموقع المقدس!

…وما زال لبنان ينازع للحفاظ على ما تبقى من هيبة للدولة وللإستقلال أقله بالقرار السياسي!

باسيل

فهل ستعترفون بالخطأ لتداركه قبل فوات الأوان.. وقبل أن يدفع لبنان الفاتورة الأكبر لعدم إسقاط “لحود” بعودة الوصاية إلى الدولة التي بات شعارها “سيلفي والدستور خلفي”؟!

(الأنباء)