ما حقيقة الصورة العنصريّة التي أغضبت اللبنانيين؟

الصورة حقيقية للأسف. لم تكن “فوتوشوب” هذه المرة ولا نكرَ أبطالها أنها إلتقطت أصلًا في أحد صالونات التجميل في لبنان.

الصورة حقيقية لدرجةٍ مقززة. لدرجة أن الإنسان إنطلاقًا من جوهره الإنساني يتمنى لو أنها “مركّبة”. لم تكن كذلك لسوء حظنا وحظّ تلك الإثيوبية التي حصدت من دون أن يرى أحدٌ وجهها تعاطف الرأي العام اللبناني.

صورة عنصرية بامتياز إجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي منذ ساعات بطلتها ثلاث سيدات في صالون للتجميل: إحداهن ضيفة الصالون تعتني بأظافرها، ثانيتهن إختصاصية العناية بالأظافر وثالثتهنّ عاملة إثيوبية شكّلت كل الفرق.

يصعب تجسيد اللقطة كتابةً لشدة ما تحمله من إساءة لأبسط مظاهر الإنسانية ولشدّة ما تحمله من عنهجية غير مبرّرة. ببساطةٍ لم تستطع السيدة “الضيفة” مقاومة حاجتها إلى النرجيلة فما كان بها إلا أن إستعانت بالإثيوبية لتمسك لها “النربيج” وتضعه في فمها بين الفينة والأخرى.

حتمًا، من إلتقط الصورة ونشرها شعر بإهانةٍ كبيرة لنفسه أولًا وإلا لما فعل. تمرُّ ساعاتٌ، تكتظ وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات الغاضبة، فتخرج مسؤولة في الصالون أو ربما صاحبته في فيديو قصير مرتبكة لتسوّغ ما حصل ولتكون الذريعة على الشكل الآتي: وقع النربيج من السيّدة فالتقطته العاملة “الفيليبينية” (مع التركيز على جنسية العاملة) ووضعته في فمها.

بهذه البساطة قررت المسؤولة أو صاحبة الصالون أن تغيّر جنسيّة العاملة وأن تشرح للغاضبين أن “الفعل الإنساني” أهين لثوانٍ لا أكثر.

أمام كل هذا الصخب المحقّ، يتناسى كثيرون سؤالاً يقفز إلى بالنا خلال رؤية الصورة: بعيدًا من الجانب العنصري الذي لا يمكن التغاضي عنه، لمَ ستكون هناك نرجيلة أصلًا في صالون تجميل؟

عندما نفهم أن كل المبادئ القيمية والإنسانية ما عاد لها مكانٌ ومكانة في هذا البلد نعي أن مثل هذه الصورة يمكن أن تُرصَد يوميًا بلا خجل لتحدث زوبعة إنسانية عمرها كحدٍّ أقصى يومٌ أو يومان… هو فعل موت الإنسان فينا ببطء!

رامي قطار- “الأنباء”