أيام لا تنسى  

وهبي أبو فاعور

كنّا مع المرحوم عادل سيور وشمس الدين ناجي وعلي فايق والعديد من الرفاق نختتم مخيماً للكشاف التقدّمي في عين عطا العالية بكل شيئ وذلك في أيلول 1977  وكان فرعها قد تألق وتعافى بعد أن أصابته هزّة في نهاية الستينات ممّا جعل مفوضية الداخلية تُلحقه بمعتمدية حاصبيا لسهولة الإتصال لأن الطريق من راشيا لم تكن قد وصلت إلى البلدة بعد، فحاولنا مع فضل الله جماز وحسيب أبونجم أن نعيد الإنضباط إلى الفرع ونجدد عزيمته بزياراتٍ مكوكية وبتوجيه من أمين سر المفوضية آنذاك الرفيق عاصم حسن فأحرزنا تقدّماً ولم نحرز نجاحاً لأن الرفاق بمعظمهم كانوا في أواسط أعمارهم وعاملين منهكين لتحصيل لقمة العيش وكان هناك منافسة غير متكافئة مع بعض الفصائل الفلسطينية.

وكان قد أسهم الجهد الذي بذله رفاقنا من عين عطا الذين نزحوا إلى بيروت طلباً للعمل وفي طليعتهم النقابي سليمان حمدان وحامد ريدان وصالح ومحمود القاضي وسواهم ممن اجتمعوا في فرع الشياح وبدعم من معتمد ساحل المتن الجنوبي المرحوم الرفيق فؤاد فرّاجي من بعقلين في تأسيس فرعٍ والمساهمة في تشكيل نواة فرع في عين عطا بثوا فيها روح الجهاد وقيم النضال مع المعلّم كمال جنبلاط، فتغير وجه عين عطا لصالح الحزب التقدّمي الإشتراكي وساهم رفاقنا في كافة مراحل النضال وموجباته العسكرية والأمنية والتعبوية والسياسية وأصبح لنا فيها فرع نعتز بمناضليه ونترحّم على السنديانات القديمة من أمثال حسن غزالة وحمود غزالة وسعيد القاضي وآل حمدان وآل البري وعلى فرج وحسن زايد والكثيرين ممّن لن تتسع اللوائح لأسمائهم رغم أنّهم ما زالوا منارات تذكر وتحمد ويشار إليها بالبنان مع كل أجيالنا الشابة والمتقدّمة في الضيعة القدوة جارة النجوم والصخور والنسور.

كمال جنبلاط

كنّا نحتفل ونفرح بالكشاف والجوالة الحلوين وكان آل ريدان يتنافسون على الدعم بالمشاركة في مزايدة على لوحة للفنان الشيخ يونس القضماني ترمز إلى المعلّم، وفيما الأخوان المرحومان أبونايف علي ريدان وأبوعامر محمود ريدان يرفعان نسبة الدعم حتى وصلت اللوحة إلى الآلاف الأربعة وهو ما شكل الخميرة الأولى لبناء مركزٍ الحزب في البلدة.

وفيما نحن في غاية الفرح والسعادة باللقاء الجامع أمام مقام سيدنا الشيخ الفاضل إذ انقلب الجو فجأةً عندما أُنبئنا بمعركة تلة الشريفي في الخيام  حيث كانت مجموعات من الحركة الوطنية اللبنانية والقوات المشتركة تقاتل توغل شراذم العميل سعد الحدّاد لطردنا من التلة المشرفة المتحكمة بالخيام، وكانت حصتنا بعض الجرحى والشهيد السوري القومي الإجتماعي الرفيق غانم الحاج “أبو الزوابع” وهو من عين عطا فاْنقلب المشهد إلى محزن بكبرياء وفشلت محاولة الخرق لمواقعنا.

الحركة الوطنية وكمال جنبلاط

وبعدها لا يمكن أن أنسى المجموعات المتطوعة التي أتتنا في أواخر الصيف لدعم المواجهة على جبهات الخيام مع القوات المعادية الاسرائيلية والعميلة.

ومن هذه المجموعات واحدة من غريفة الشوف قوامها 4 رفاق هم: وسيم ووليد وابراهيم وعاصم حرب أتوا بعتادهم وحاجاتهم وانتقلوا إلى الخيام ليضعوا أنفسهم بتصرف الحزب ومسؤولنا هناك المرحوم حسن صالح حمدان “أدهم الطيوني” وبقوا طوال أسبوع يريحون المقاتلين مع مجموعات أخرى من الأحزاب الوطنية ولكن ما لا ينسى ما أصاب هذه المواجهة من حادثة عرضية في وادي إبل السقي ليلاً أثناء العودة، وما أصاب سعيد الضاوي من تعب جراء إصرار الأهالي على استرجاع أبنائهم عن الجبهة وخاصة المقاتلان الفتيان يوسف سعد ومنح الباشا.

رحم الله شهداء تلة الشريفي وشهداء معارك الخيام الجريحة يومها والكبيرة كبر سهلها.

(الأنباء)