حقيقة تؤلمك خير من كذبة ترضيك

د. صلاح ابو الحسن

بين “الحقيقة” و”الكذبة” المسافة واسعة عند السياسيين اللبنانيين والعرب.. اسهل الأمور عندهم التعلق بالشعارات “الشعبوبة” البالية.. حتى المهزوم يعلن انتصاره المبين.. فالكذبة ترضي عادة غرور المهزومين.. قبل المنتصرين..
هُزم العرب عام 1967، وحده الرئيس جمال عبدالناصر اعترف بمسؤليته عن الهزيمة.. فقدّم استقالته فورا.. احتراما لشعبه وللشعوب العربية..
وحده النظام البعثي السوري، اعلن انتصاره و”فلسف” الإنتصار بالقول: بأن الهدف الأساسي للحرب الإسرائيلية كان إسقاط النظام في سوريا.. ولنتذكر المقولة الشهيرة: الحمد لله اننا خسرنا بعض الأرض وبقي النظام فخسارة الأرض تُعوّض لكن خسارة النظام لا تُعوّض..

syria.assad.army
نعم بقي نظام البعث يحقق الإنتصار تلو الآخر ولو على شعبه.. والجولان المحتل من قبل اسرائيل منذ نصف قرن لا يزال على حاله.. لكن الحمد لله بقي النظام “البعثي”!!
في العام 2011، ثار الشعب السوري مطالبا باسقاط النظام.. ولكن النظام انتصر على شعبه.. وقتل منه نصف مليون وشرّد وهجّر ثلثي شعبه ودمّر سوريا.. لكن كل شيء يمكن تعويضه.. والأهم بقي النظام وبقي حكم آل الأسد الى (الأبد).. والحمد لله على “صمود نظام الممانعة”.. فالمؤامرة “الكونية” كان هدفها إسقاط النظام..
الحمد لله ألف مرّة، ان نفوذ نظام بشار الأسد مستمر.. وان اسرائيل “المهزومة” إطمأنت الى بقاء نظام “البعث” الذي يعطيها الأمن والأمان والإستقرار على جبهة الجولان والمستمر منذ عهد الأسد الأب. اسرائيل كانت تريد ان تتأكد وبوتين طمأنها. والحمد لله ان اسرائيل اطمأنت..
والحمد لله ان اسرائيل “القلقة” جدا جدا.. باتت مطمئنة على جبهتي الجولان منذ 44 سنة، وعلى جبهة الجنوب اللبناني منذ احد عشر سنة.. والحبل على الجرّار.. فاطمئنوا يا عرب.. اسرائيل ايضا مطمئنة الى الأبد!!…

حزب الله

ولا بد من الإعتراف ان اسرائيل حاجة لحزب الله وللنظام السوري ولكل ودول الممانعة والعكس صحيح.. فاسرائيل هي مبرر وجود الممانعة والمقاومة.. وهما مبرر دعم اميركا والغرب وروسيا لاسرائيل ماديا وعسكريا وسياسيا..
لو ارادت اسرائيل اضعاف حزب الله لكانت انسحبت من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ولكانت سوريا قدمت للامم المتحدة اثباتا ان هذه الاراضي لبنانية وليست سورية..
وبالعودة الى تدخل حزب الله في الحرب السورية كما ادعى وقتها للدفاع عن المقدسات الدينية من القصير الى الست زينب.. واثبت بعدها انه انتصر على الشعب السوري.. وأثبت اخيرا وبعد اربع سنوات من حروبه في سوريا.. وبالتحديد في حرب جرود عرسال تحت شعار “ان عدتم عدنا”.. ان ارهاب داعش ليس الهدف الحقيقي.. انما الاهداف الحقيقية ثلاثة: ضرب المعارضة السورية، دعم بشار ونظامه ودعم مشروع تصدير الثورة الايرانية لتحقيق “الهلال الشيعي” الممتد من ايران الى البحر المتوسط عبر العراق وسوريا وصولا الى لبنان..
حزب الله اثبت ان محاربة “الإرهاب التكفيري الداعشي” كذبة موصوفة.. وذلك عبر “الصفقة” السرية “المكشوفة” مع تنظيم داعش.. وهذا يذكرنا بما هو معروف من الجميع ان جيش النظام السوري والممانعون وعلى مدى خمس سنوات، لم يُطلقوا رصاصة واحدة – حتى السنة الماضية – ضد داعش.. لماذا؟؟!!
ما هذه “الحزورة” ان دول الخليج قطعت علاقتها بدولة قطر بسبب دعمها لتنظيم داعش “الإرهابي”.. ثم تظهر العلاقة “الحميمة” بين قطر “الداعشية والإخوانية” وبين ايران وحزب الله اللذين يدعيان محاربة داعش؟؟.. وما هذه المصادفة “المريبة” بين دعم ايران لقطر “الداعشية” واحتضان حزب الله لتنظيم داعش في سوريا.. وعقد صفقة “مشبوهة” معه..
وما هذه “الحزورة” ان عائلة اسامة بن لادن وكبار قادة “القاعدة” مقيمون في ايران وعلى الرحب والسعة، فيما تصنفهم ايران بانهم أكثر الإرهاب تطرفا.. ضد الشيعة؟؟..
الكاتب الإفغاني يقول في روايته “عدّاء الطائرة الورقية”: “الإيرانيون بشوشون وكلامهم معسول يربتون على ظهرك بيد وينشلون جيبك بالأحرى”..

داعش وحزب الله ترحيل
ولكن الصفقة لم تكتمل بعد قصف التحالف الأميركي خط سير “باصات” تابعة لحزب الله التي تنقل ارهابيي داعش الى مناطق آمنة لهم.. واحدث القصف “خندقا” منع “الباصات” من اكمال سيرها الى الحدود السورية التركية..
فاذا صدّقنا “كذبة” غضب حزب الله على التحالف الدولي “الأميركي” وتبرير الغضب بدواعي “انسانية” نظرا لوجود الأطفال والحوامل والشيوخ والمرضى وعدم توفر الدواء.. محملا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤلية اي أذى يلحق بقافلة “الدواعش” فهذه مصيبة.. واذا صدّقنا “كذبة” هذا العطف الإنساني “الإلهي” على “الدواعش”.. فالمصيبة أعظم!!.. ولكن علينا ان نستبعد الكذبة.. بعد دعم ايران والنظام السوري الموقف “الإنساني والأخلاقي” لحزب الله.. وبالتالي لم تعد “الصفقة” كذبة..
وهل صحيح ان غضب حزب الله وكل الممانعين سببه ان أحد بنود الإتفاق مع داعش ينص على ان الإلتزام به مرهون بتأمين وصاول قافلة الدواعش الى الحدود السورية – التركية.

الجيش وحزب الله الجرود
في معركة جرود عرسال وعندما وصلت لقمة “الإنتصار” الى فم الجيش اللبناني كانت الصفقة بين الحزب وداعش قد أنجزت.. وقطعت الطريق على الجيش اللبناني.. ومنعه حزب الله من اكمال معركته ضد داعش في عشرات الأمتار الأخيرة، بحجة معرفة مكان ومصير العسكريين المخطوفين.. وهناك معلومات تقول ان حزب الله والنظام السوري كانوا على علم باستشهادهم منذ سحبت قطر يدها وتخلت عن مهمة التفاوض بين داعش واهالي العسكريين ومن المكلفين بمتابعة الملف..
فهل إيقاف معركة جرود بعلبك والقاع من قبل الجيش اللبناني في الربع الساعة الأخير، كان هدفه معرفة مكان الشهداء العسكريين؟؟ ام “الصفقة” التي منعت الإنتصار الكامل والناجز؟؟…
“فوازير” العرب كثيرة كمثل صداقة قطر واسرائيل.. فهل هما اصدقاء داعش؟؟ واين ايران من هذه الصداقة؟؟ فهل اسرائيل هي الجامع بين المتناقضات؟؟.. صحيح ما قاله وليد جنبلاط: ان ما يجري في العالم وفي المنطقة، “لعب ولاد”!!..
وليسمح لنا حزب الله وكل الممانعين بعد انتصاراتهم “الوهمية” ان نقول لهم: حقيقة تؤلمكم خير من كذبة ترضيكم.. والمنتصر على اهله وشعبه “مهزوم” حتما..

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم د. صلاح ابو الحسن

“الدروز” الى أين؟؟!!

هل “هزة” حماة وحلب تُبدل قواعد اللعبة

الى رفاقنا وأهلنا وأصدقائنا في المتن الأعلى “تجربتكم مع هادي سبقت نيابته”

ترامب ومصير الإنتخابات

الناخب بين “الحاصل” و”المحصول”

قانون الإنتخاب “الإلغائي” و”شفافية” التزوير..

لا تصدّقوا وعود الإنتخابات

لا تستخفوا بالمعترضين

بعد الغوطة.. الإرهاب أرحم

ولماذا الإنتخابات؟!

انقلب باسيل على تفاهم مار مخايل.. وقضي الأمر!!

هكذا صهر يُعفي العهد من الأعداء

مصائر الديكتاتوريات متشابهة!

بين نداء الحريري ونداء “صاحب الزمان”!!

ما أحوجنا اليك

وأخيرا… “طفح الكيل”!

“كأنه حُكم على اللبنانيين أن يحكمهم دائما الجهال”..

رسالتي الى الرفيق تيمور

إنتصار “الأوهام” الكاذبة!

صنّاع الإرهاب هم صنّاع تقسيم سوريا!