لماذا إختار باسيل زيارة بشري يوم ذكرى شهداء “القوات”؟

لا يترك التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية  مناسبة عملانية، إلا ويشيران من خلالها إلى حجم الإنقسام الواقع بينهما، وإلى الإفتراق الذي سيحصل في الإنتخابات النيابية المقبلة.

أراد باسيل الذهاب إلى عرين جعجع وعقر دار القوات، لتوصيل أكثر من رسالة باتجاه أهداف متعددة. والرسالة الشكلية الأولى التي تضمّنتها الزيارة وتوزيع بطاقات إنتساب للتيار الوطني الحر إلى بعض البشراويين، هي أن التيار لن يترك بشري حكراً على القوات، ولا يريد للقوات أن تكون الحزب الوحيد صاحب الوجود في ذلك القضاء، وبأن التيار شريك أساسي هناك.

أعلن باسيل ما كان يضمره في مشاورات قانون الإنتخاب، بأن التيار ضحّى بعدد من الدوائر وآلية توزيعها لأجل فوز أحد مرشحي التيار في قضاء بشري.

افتتح باسيل مكتباً للتيار في بشري، في نفس التوقيت الذي كانت فيه القوات تحيي ذكرى شهدائها، وهي رسالة أبلغ من كل مواقف المجاملة وإدعاء الأخوّة، كا ما يجري هو تكريس للإنقسام بين الحزبين المسيحيين الذين بينهما ورقة إعلان نوايا، لكن على ما يبدو أن الحكم على النوايا غير صائب هنا، ولا في الإنتخابات النيابية المقبلة، إذ أن كل المؤشرات تدلّ على أن المعركة بينهما ستكون “كسر عظم”. وربما هناك من يسعى إلى تطويرها أكثر وجعلها حرب إلغاء.

حين قال باسيل إن “الفكر الآحادي “داعشي” ولا مكان له في لبنان، وعندما اقرينا القانون النسبي كان هدفنا كل لبنان حيث هناك أقليات مقموعة من اكثريات”، لم يكن يقصد سوى وضع جعجع والقوات في بشرّي، إذ أنه يرفض أن تكون بشرّي مقفلة لصالح جعجع، ويريد تغيير هذا الوضع، وفي معرض إشارته إلى أن هناك أقليات مقموعة، فهو يقصد بأن القوات تقمع معارضيها في ذلك القضاء، وقد أتى التيار الوطني الحرّ كمخّلص لهؤلاء.

ويستند باسيل في كلامه هذا، إلى الأرقام التي أرستها الإنتخابات البلدية الأخيرة، وفيها ظهرت فئات لا بأس بها معارضة للقوات في بشرّي، وهو يريد المراهنة على هؤلاء وعلى القانون النسبي، لتوجيه صفعة إلى القوات، ولإنجاح مرشّح عوني في مسقط رأس جعجع.

منذ إعلان جعجع ترشيح فادي سعد من وسط البترون، كانت الدلائل واضحة بأن الطلاق يترسّخ أكثر فأكثر بين حليفي التسوية الرئاسية، وما عمّق الشرخ بينهما، هو الأداء المتعارض بين وزرائهما في الحكومة، والرؤى السياسية المختلفة، خطوة باسيل في بشرّي لن يتركها جعجع تمرّ مرور الكرام، والردّ المدوّي عليها سيكون في البترون، وفي التحالفات التي ستنسج هناك، حيث الهدف الأساسي بالنسبة إلى القوات ومختلف القوى المسيحية الأخرى المعارضة للتيار الوطني الحرّ، هو إسقاط باسيل، وعدم السماح له بالحصول على لقب نائب.

لن يقتصر ردّ القوات عند حدود البترون، لا بل سيصل إلى كسروان -جبيل، وإلى المتن وغيرها من المناطق، التي سيتقارب فيها إنتخابياً مع قوى معارضة للتيار الوطني الحرّ، وهنا تبرز الإتصالات المتزايدة بين القوات وتيار المردة للغاية نفسها. وهنا يقول أحد المتابعين للملف المسيحي، إنه لم يحدث أن اجتمع المسيحيون واتفقوا على رأي كما هو حالهم اليوم في الإتفاق على معارضة سياسية التيار الوطني الحر وطموحاته الجامحة والساعية لإلغاء أي قوة أخرى لا تدين له بالطاعة والولاء.

*ربيع سرجون – “الأنباء”