خواطر إنتخابية (1)
د. وليد خطار
5 سبتمبر 2017
إن الإنتخابات النيابية بقانونها العجيب الغريب، هي أشبه بتوليفة على نسق التركيبة اللبنانية مزجت النسبية بالأكثرية وجاء الصوت التفضيلي ليؤكد أن المذهبية والطائفية عنوان لا يمكن دفنه.
قانون غريب أقره مجلس النواب بعد عملية قيصرية في تقسيم الدوائر الإنتخابية طالت أغلب المناطق اللبنانية، فُصلت على قياس مناطق نفوذ الزعامات وجاء الصوت التفضيلي ليقول “الأمر لي”.
النسبية، هذا العنوان الحضاري لممارسة الديمقراطية في أبهى صورها، طرحها المعلم كمال جنبلاط من ضمن برنامج الإصلاح السياسي للحركة الوطنية اللبنانية الذي يستند على العلمانية، أساس هذا البرنامج الحضاري المتطور عن الطروحات الحالية ومنذ أربعين سنة.
إن قانون الانتخاب الحالي أصبح أمراً واقعاً رغم هفواته وتفصيلاته وعجائبه والإنتخابات القادمة ستكون وفق نصوصه وممثلينا في الندوة النيابية سيفوزون وفق إحصاءاته العجيبة التي لا تحتاج إلى تفسير بقدر ما تحتاج إلى الحكم على نيات واضعيها.
لمن يريد النسبية سمي بالنسبي، ولمن يريد الأرثوذكسي، عبر الصوت التفضيلي عن روحية الأرثوذكسي ولمحبي الأكثري، جاء التنافس بين مرشحي اللائحة الواحدة خير معبر عن التنافس الاكثري.
إن هذا الخليط العجيب هو القانون الذي سننتخب على أساسه.
قانون أبعد ما يكون عن النسبية رغم أنه يحمل إسمها وبالتالي أبعد ما يكون عن العلمانية لتكريسه الصوت التفضيلي للمذاهب، أبعد ما يكون عن الديمقراطية لأنه طمس دور الأحزاب لصالح الجماعات.
إن الحملة على النظام الأكثري كان من أجل تغيير الطبقة الحاكمة التي عرفناها جيداً ولكن من منا يعلم عن إفرازات هذا القانون المسخ وما هي تداعياته؟
أين سنصل بعد هذه الخطوة في تعديل قانون الإنتخاب؟
أي دور مستقبلي للأحزاب الوطنية؟
هل سنستطيع عبور الطوائف إلى الوطن؟
كيف ستتصرف الكتل المذهبية الكبيرة مع الأقليات؟
إن الأمل الذي عقد على ما يسمى التيار المدني أمل الشباب في التغيير والوصول إلى تمثيل صحيح أين موقعه في هذه الدوامة؟!
أسئلة وأسئلة إلى ما لا نهاية والجواب بعد نتائج أول دورة إنتخابية وماذا تهيىء لنا.
(*) عضو مجلس قيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي