معركة الجرود واستعراضاتها

جليل الهاشم

لم يبق مخلوق على مساحة لبنان إلا وأدلى برأيه في كيفية سير معركة تحرير جرود البقاع الشمالي من عناصر النصرة وداعش .

ولا يقتصر الأمر على الميليشيات المسلّحة الحليفة للنظام السوري التي تقوم باستعراضاتها وتتجول بأسلحتها الثقيلة والخفيفة وكأنها هي المسؤولة عن أمن البلد بسكانه وأراضيه.

تحركت تلك الميليشيات قبل اعلان معركة فجر الجرود بمزايدة مشبوهة على الجيش وقوى الأمن والسلطة الشرعية، ولكنها في الوقت نفسه تتحدى مجموع الشعب اللبناني من مواطنين وأبناء قرى حدودية وكأن المقصود ليس انهاء الحالة الشاذة في الجرود بقدر ما هو تحدي الداخل ولجمه وتطويعه.

ويتذكرّ اللبنانيون ما جرى قبل أكثر من سنة عندما فجرّ انتحاريون أنفسهم في بلدة القاع كيف هبت أبواق وألسنة الميليشيات الآنفة الذكر لتهاجم وتنتقد ظهور عدد من أبناء القاع بأسلحتهم واعلانهم إنهم سيدافعون عن بلدتهم.

يومها وجهّت السهام ضد فئة لبنانية على أنها تتسلح أو تحمل السلاح ولكنّ حمل الآخرين للسلاح وتحت العناوين إياها يصبح مبرراً ومرغوباً بل ومطلوباً اذا تم على أيدي ميليشيات من صنف معيّن وتحت يافطة محددة هي ما يسمى بالممانعة وما إلى ذلك.

بعد معركة فجر الجرود آن الأوان لهذه المهزلة أن تتوقف، وكما قال السيد حسن نصرالله في خطاب سابق ما على مؤيدي النظام السوري إلا القتال إلى جانبه في داخل سوريا وهذا أمر حصل وهو يحصل كل يوم، وإن كان منتقدو  هذا القتال يواصلون رفضه تصريحاً وتلميحاً.

أما معركة استعادة او تحرير الجرود اللبنانية الشرقية الشمالية فهي من مسؤولية الدولة اللبنانية والجيش اللبناني تحديداً، هذه المعركة تدخل في السياق العام لمكافحة الإرهاب وهو سياق رُسمت خطوطه العامة في اتفاقات دولية ولبنان جزء منها وموقّع على بيانها الأول في جدّة قبل عامين عندما أعلن عن قيام التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.

وحسناً فعل المجلس الأعلى للدفاع عندما اجتمع برئاسة الرئيس ميشال عون مذكراً بأن معركة الجرود ستتم بالتعاون مع هذا التحالف تحديداً ما يطرح السؤال على الميليشات الاستعراضية اذا ما كانت تعتبر نفسها جزءاً منه ربطاً لحماسها واستعجالها.

أن يحقق الجيش اللبناني نصراً مستحقاً ضد داعش بقواه الذاتية حصراً هو أمرُ فشل به النظام السوري كما العراق.

فالمطلوب التأمل مالياً بهذه الواقعة إذ سيحظى لبنان من الآن فصاعداً بصفة الدولة المستعادة التي تمتلك قدرة عسكرية لحسم الصراع لمصلحتها ضد تنظيم متطرّف اشتهر بقسوته وظلامياته على امتداد رقعة الصراع الشرق الأوسطية.

(الأنباء)