التخفيف من حدة الفقر في الصين: بين النظرية والتطبيق

صدر عن  الدار العربية للعلوم ناشرون النسخة العربية لكتاب “التخفيف من حدة الفقر في الصين”(Poverty Alleviation in China) والكتاب من تأليف كون يان وترجمة نصر.

وهو دراسة تدفع إلى الواجهة بالرؤية الأساسية لنموذج خطة التخفيف من حدة الفقر، ذات الخصائص الصينية. كما وأنها تقوم  بتهذيب الإطار النظري الذي يقف وراء هذا النموذج، وذلك بالتماس أفكار وخطط تستجيب للتحديات الجديدة من أجل تحقيق الأهداف التي تتمثل بالتخفيف من وطأة الفقر في عصرنا الجديد. فالأفكار الواردة في هذه الدراسة، تسعى إلى تعزيز رفاهية الشعب، كما إلى تعزيز التقدم الاجتماعي والازدهار الوطني.

والكتاب قيم وعلى غاية من الأهمية في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضعته بالأصل باللغة الصينية مؤلفته الدكتورة في علم الاقتصاد، “يان كون” وهي باحثة أكاديمية مرموقة، تشغل منصب نائب مدير معهد التاريخ بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، ولها العديد من الأعمال والمساهمات في هذا الحقل المعرفي والأكاديمي.

ويتصدى موضوع الكتاب لمسألة من أهم المسائل والتحديات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والأمنية في العالم قاطبة. ألا وهي مسألة التخفيف من حدة الفقر والكاتبة تتناول الموضوع بأسلوب منهجي أكاديمي من زاوية تجربة بلادها التي كانت تأوي أكبر كتلة فقراء في تاريخ العالم أجمع، على الأقل كونها البلاد الأكثر عدداً للسكان في هذا الكوكب، لكنها لم تنس مقاربة الموضوع أيضاً من ناحية العلم المقارن مستعرضة الواقع والتجربة والاستراتيجيات والنظريات والمعالجات في خمس دول عريقة الخبرة والتجربة في مكافحة الفقر في مجتمعاتنا وفي العالم.

وفي الوقت الذي لا يجادل فيه أحد أن هدف اجتثاث الفقر نهائياً من العالم، كان وسيبقى أسمى وأهم وأصعب وأخطر هدف للبشرية قاطبة، وإلى أن يتحقق لنا هذا الهدف الذي ما زال يبدو مثالياً، بسبب استنزاف البشرية الأرعن لمعظم ثرواتها وطاقاتها ومواردها في المنزاعات السياسية والعسكرية المحلية والأقليمية والاستراتيجية، وفي سباقات التسلح المحمومة من جهة، وفي أيديولوجيات الجشع المادي والاستهلاكي والاستقطاب المالي والسياسي والسلطوي من جهة أخرى؛ فإن سقف القضاء التام على الفقر سيبقى سقفاً عالياً، وسيبقى التخفيف من حدة الفقر هو أقصى ما تأمل البشرية أن تتمكن من تحقيقه في هذا المجال، ذلك لأن أسباب الفقر لا ترتبط بالأمور الاجتماعية والفكرية والثقافية والأيديولوجية أيضاً.

ولو أن دولة الصين تضع نصب عينيها تحقيق القضاء على الفقر تحقيقاً شبه تام في بلادها بحلول العام 2020، كما يعدنا هذا الكتاب. وهذا الهدف يبدو شديد المعقولية إذا عرفنا أن التجربة الصينية قد تمكنت بالفعل منذ البدء بتنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح من تحقيق نجاحات ملحوظة في مجال التخفيف من حدة الفقر.

يقع الكتاب في 224 صفحة.