بعد اليوم المغتصب سيعاقَب.. وإن تزوّج ضحيّته!

بعد حوالي 68 عاماً على إقرارها، صادق المجلس النيابي اليوم على إلغاء #المادة_522 من قانون العقوبات اللبناني، التي لطالما شكّلت الغطاء القانوني لظلم العشرات من ضحايا #الإغتصاب، بفعل نصّها الذي يجيز إعفاء المغتصب من العقوبة في حال تزوّج من ضحيّته.

وللتنبيه، فإن المادة 522 لم تكن مجرّد غطاء قانوني لجريمة تتخطى كل معايير الشرف والأخلاق والإنسانية، بل لطالما شكّلت غطاء قانونياً معيباً لاغتصاب معنوي وإجتماعي مارسه المجتمع الذكوري على عشرات بل آلاف الضحايا منذ إقرارها حتّى اليوم!

IMG-20170816-WA0061

فكم رواية سمعنا تاريخياً عن فتاة أُجبرت “لستر عرضها” على الزواج من وحش انتهك حرمتها وعرضها وكرامتها؟! وكم ضحيّة توافق أهلها وأهل مغتصبها وأبطال العشيرة والعائلة والطائفة على تكريس حكم إعدامها معنوياً وجنسياً ونفسياً بفعل تزويجها منه؟! وبعد فهل تساءلنا يوماً، خلال تلك السنوات الـ 68 وما سبقها من حكم العقلية العشائرية والطائفية، كم ولدٍ وبنتٍ ولدوا من أمّ مكبّلة بألف عقدة وعقدة لمجرّد أن مجتمعها حكم عليها بالزواج ممّن يبقى بنظرها مجرماً مهما تجمّل وتبدّل؟! وبالتالي كم عقدة وعقدة زرعت تلك الأم في نفوس أولادها ليبتلي المجتمع بعدها بكمّ من المجرمين أو المعقّدين؟!

إنه إنجاز اليوم، أهداه المجلس النيابي لكل إمرأة لبنانية في إطار تعزيز حمايتها من كافة أشكاال العنف الممارس بحقّها. فلا إفلات من العقاب لمغتصبٍ بعد اليوم، ولا إكراه لفتاة بالزواج من مصدر بؤسها بعد اليوم. أما الفضل في الإنجاز، فيعود طبعاً للحركة النسائية اللبنانية وبعض أعلامها ممّن ناضلوا بلا كلل مؤخراً، وضغطوا على لجنة الإدارة والعدل النيابية وعلى كافة النواب في معرض المطالبة بإلغاء هذه المادة بكافة مفاعيلها. وجميعهم مشكورون.

IMG-20170816-WA0059

لكن، وإن كان الإنجاز في محلّه، إلا أنه يبقى منقوصاً إذا لم يستكمل بتنزيه بعض المواد الأخرى في قانون العقوبات وغيره من كافة أوجه التمييز ضد المرأة، وإحقاق العدالة وإمداد المرأة اللبنانية بكافة الوسائل القانونية الكفيلة بحفظ كرامتها الإنسانية.

فما زالت هناك المادتان 505 و518 من قانون العقوبات على سبيل المثال لا الحصر، واللتان تنصّان على وقف الملاحقة أو المحاكمة في حق من يقوم بمجامعة قاصر إذا عُقد عقْد زواج صحيح بين هذا المرتكب والقاصر التي يتراوح عمرها بين خمس عشرة وثماني عشرة سنة. مادّتان ما زالتا تكرّسان بقوّة القانون وسطوته مبدأ التزويج المبكر، وبالإكراه، وتجيزان التغرير بالفتاة اللبنانية وتفلّت مهووسي الجنس من عقابهم، بل مكافأتهم بإجبار ضحاياهم على الزواج منهم!

هنا نقول بالصوت العالي “كفى”. كفى استهتاراً بكرامة النساء وحرماتهنّ وحرية اختيارهنّ. كفى تكريساً لوصاية الطوائف على حساب استقلالية المرأة اللبنانية وخصوصيتها وحقّها بصيانة نفسهاجسداً وروحا. ونعم لقانون مدني للأحوال الشخصية يعزّز سلطة القانون فوق كل سلطة، ويمنح المرأة اللبنانية حصانة قانونية تتبدّد عندها كل الأعراف والتقاليد والأحكام الإجتماعية والطائفية المجحفة بحقّها.

وإن كان الحق ينتزع ولا يعطى. فشكراً لكل من ساعد المرأة اللبنانية على انتزاع حقّها بإلغاء المادة 522، على أمل أن يستكمل النضال النسوي من أجل صون حقوق المرأة اللبنانية وكرامتها الإنسانية.

*غنوة غازي – “الأنباء”