قداس في عبيه لمناسبة عيد إنتقال السيدة العذراء

عبيه- الأنباء

بمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، اقامت لجنة وقف الطائفة المارونية في عبيه قداسا في كنيسة سيدة المعونات، ترأسه رئيس اساقفة بيروت المارونية  المطران بولس مطر وعاونه فيه لفيف من الكهنة.

حضر القداس وزير الطاقة والمياه سيزار ابي خليل والنائب فؤاد السعد ومنسق حزب القوات اللبنانية في منطقة عاليه بيار نصار واعضاء لقاء ابناء الجبل ورئيس اتحاد بلديات الشحار ميشال سعد ورؤساء عدد من بلديات المنطقة ومخاتي وحشد من المؤمنين.

وبعد الانجيل المقدس القى مطر عظة استهلها بالقول: عندما يجيئ المرأ الى عبيه، يعرف انه آتٍ الى عاصمة من عواصم الروح، فالمدينة التنوخية الضاربة في التاريخ، مدينة الوليّ السيّد عبدالله من اولياء الله، مدينة اهل العلم والثقافة والحضارة، مدينة العيش المشترك الواحد الكريم، مدينة التمايز العائلي في هذا الوطن العزيز لبنان.

اضاف، ايها الأحباء، جئنا الى هذه الكنيسة نفتحها للعبادة من جديد، وكأنها ما اغلقت ابدا، لأن القلوب في عبيه بقيت منفتحة على القلوب، أصيلة في وطنيتها، محبة لهذا الوطن الجميل، ولكل اهله، ولذلك عندما نعود الى الجبل، نعود الى اصالتنا والى ذواتنا جميعا.

IMG-20170813-WA0019

وتابع مطر نحمد الله على ان هذا الجبل يشكل ضمانة كبرى للوحدة الوطنية في لبنان، لأن هذا الجبل وقادته التاريخيين الكبار كانوا على اساس انطلاق هذا الوطن السيد الحاضن كل ابنائه في بالكرامة والمساواة. ولذلك لبنان مدين كله لاهل هذا الجبل. وسنبقى واياكم على هذا العهد،  من اجل لبنان ، لا للبنانيين وحدهم بل للمنطقة بأسرها، التي هي بحاجة للروح اللبنانية لتجد خلاصا لها لما تتخبط فيه من مآسي.

وقال عندما عُقد السينودوس من اجل الشرق الاوسط عام 2010 جدد الآباء بحضور قداسة البابا ايملنهم بأن خلاص الشرق يمر عبر فكرتين اساسيتين: الفكرة الاولى هي فكرة الحرية الدينية واحترام الاديان واهلها بعضهم لبعض، والفكرة الثانية هي ان نكون متساوين بالكرامة مشاركين معا في صنع المصير، كل الناس مع كل الناس فتتم اخوّة لا بد منها من اجل ان يتقدم هذا الشرق تقدما انسانيا حديثا. وليس امرا غريبا – بل يثلج الصدر – ان السيد عبدالله هو الذي نادى من دمشق منذ مئات السنين بإحترام الحريات الدينية، منذ مئات السنين يقول لاهل الشرق جميعا احترموا اهل الاديان، واحترموا بعضكم بعضا. وقد تنبهت للكلمة التي قالها بولس الرسول رجال الله يتلاقون، يقول بولس بادروا بعضكم الى بعض بالإكرام، إفرحوا مع الفريحين وابكوا مع الباكين، كونوا انسانيين في علاقتكم بعضا مع بعض، فكلكم ابناء جلدة واحدة لها رب واحد وهو الذي في السماء. هذا الموقف ايها الأحباء هو الموقف الانساني الخلاصي، هذه روحكم يا ابناء عبيه والجبل، ونحمد الله على اننا على هذا الاحترام المتبادل، مقيمون على هذا العهد، عهد الإكرام بعضنا لبعض، الدين لله – هكذا قال مؤسس لبنان الحديث – والوطن للجميع.فلا ننسيننا هذه القاعدة الجديدة، كل يعبد ربه على طريقته، ونحن نحترم طرائق بعضنا بعض، هذا هو سرّ لبنان وسرّ اجتماع اللبنانيين على وطن واحد يكون لهم جميعا، ويكون لكل منهم فيه متنفس لعبادة ربه حسبما يلهمه ضميره، ثم نلتقي لصناعة الخبز وتأمين الرغيف بعضنا لبعض، بالإكرام والمساواة.

اضاف مطر نشكر الله يا اخوتي على كل ما تحقق الى الآن، نشكر الذين عملوا ويعملون على ترسيخ المصالحة في هذا الجبل الأشمّ، نشكر الهيئات المدنية الحاضرون بينكم يسعون للحفاظ على هذه الروح الصافية التي تجمعنا وتصوننا من أي شطط او أي خطأ ، نشكر الله على ان العذراء مريم هي ام شفيعة مشفعة لدى جميع الطوائف والملل في لبنان، يبادرونها بالإكرام، يطلبون شفاعتها ببيوتهم وبصحتهم منذ مئات السنين. وذكّر مطر بمنطقة قريبة لعبيه وهي منطقة خلده والناعمة حيث اقيمت سيدة خلده محجّا لكل الناس من مسيحيين ودروز ومسلمين، مؤمنين كلهم بالرّب، برحمته علينا جميعا، يسألون العذراء مريم شفاعة لدى الله لكي يكون الناس بمأمن في صحتهم وبيوتهم وارزاقهم. هذا هو تراثنا ايها الاعزاء، نسأل الله ان يستمر في قلوبنا حاضرا مجددا الى الأبد. واضاف نعيد مريم اليوم صاعدة نفسا وجسدا الى السماء، هذه الأمّ المتواضعة التي عصمها الله من كل خطيئة قبل ان تولد، كلنا نولد وجرح آدم حيّ فينا، جرح آدم لم يصل الى العذراء مريم، هذه الأمّ التي قدّمت لنا يسوع المسيح والتي باركها الرب بركة خاصة، ومن علياء الصليب قال يسوع لأمه – عن يوحنا – هذا ابنك ونحن صرنا كلنا ابناء لهذه الام الطاهرة، العذراء مريم تصلي مع ابنها ومن اجل نجاح رسالته في الكون ان يتجمع اهل الكون جميعا الى واحد بالمحبة والإكرام بعضهم لبعض كل على طريقته، هذه الأم التي عصمت من كل خطيئة والتي صلّت وواكبت عمل ابنها الفدائي، وقيامته من بين الاموات، اصعدها الرب الى السماء نفسا وجسدا، هي المقدسة الطاهرة منذ ولادتها، فصارت بإنتقالها رمزا لإنتقال الانسانية كلها الى الأرقى والى الأحسن والى الأصفى، وصارت شفيعة من السماء عن كل اهل الارض ليكونوا على رحمة الله جميعا، وقد كرسنا السنة الماضية سنة للرحمة، نطلب من الله ان يعيدها الى القلوب في العالم كله، وبخاصة عند المسؤولين الكبار والصغار ليقوا العالم شرّ الحروب والفتن.

IMG-20170813-WA0020

وختم مطر نصلي هذا اليوم من اجل كل هذا الشرق الحزين، ان تشفع مريم به لدى ابنها يسوع وان تليّن قلوب الناس جميعا حتى يدركوا معنى الحب، ومعنى الصفح ومعنى السلام، ويعودوا بعضهم الى بعض بالمحبة والإكرام، هذا عيدنا ايها الاحباء، عيد سيدة عبيه، وسيدة لبنان وسيدة الكون المحبة للإنسانية بأسرها، نشكر الله على هذا العمل الجميل في هذه الكنيسة، ونشكر الذين تعبوا، من لجنة الوقف الى المحسنين حتى مهاب الله يظهر في هذه الجدران الجميلة التي تحكي حكاية الحب والسلام والروح في عبيه العزيزة.وكل عام وانتم بخير وعبيه بخير ماثلة امام ضمائر اللبنانيين بعزتها وبرسالتها الوحدوية والانسانية والروحية وكلنا هنا نصلي معكم من اجل بقاء هذه البلدة عاصمة للروح وعاصمة للمحبة والسلام، والله يكون معكم يبارككم باسم الآب والابن والروح القدالقدس

( الأنباء)