هكذا أحيت صوفر ليلة “نوستالجيا فندق صوفر الكبير”!

لم تكن ليلة بلدة صوفر مساء الاحد عادية، ففي واحدة من زواياها التي عاشت من ليالي العز حتى ثملت في زمن يصفه عارفو هذه البلدة بأنه الزمن الجميل، عادت الحياة لتضج في ارجائها على وقع موسيقى الحنين.

إرتدى أوتيل صوفر الكبير ثوب الفرح والاضواء من جديد، فهناك حيث أقيمت حفلات كبريات الفرق الموسيقية والغنائية العالمية، وحيث غنى محمد عبد الوهاب، فريد الأطرش، أم كلثوم، ليلى مراد، سامية جمال، صباح، أسمهان، سميرة توفيق وغيرهم، بقي محجوز مكان للفن والموسيقى، فأقامت بلدية صوفر وضمن مهرجانات سوسنة صوفر “نوستالجيا فندق صوفر الكبير”، فكرة واعداد أدهم الدمشقي وغناء سندي لطي وملهم خلف، بالاشتراك مع العازفين ايمن عزو على الفيولون، علي عبدو على البيانو، عدنان كركي على الدرامز، عدنان معطي على الطبلة واسامة علم الدين على الغيتار.

IMG-20170716-WA0090

فكانت مناسبة لاعادة هذا المعلم التاريخي الى الاضواء من جديد في ظل مشاركة لافتة من أهالي صوفر والقرى المجاورة والجمعيات والنوادي والروابط الثقافية والاجتماعية والنسائية، ممثلون عن الاحزاب التقدمي الاشتراكي، الديمقراطي اللبناني، السوري القومي الاجتماعي والشيوعي اللبناني، رئيس بلدية صوفر كمال شيا وممثلون عن بلديات الجوار، السفارة الفلسطينية ممثلة بالقائم بالاعمال الثقافية في السفارة ماهر مشيعل.

كما كانت مشاركة لافتة لصاحب فندق صوفر الكبير رودريك سرسق، الذي لم يخفِ حماسته لاعادة احياء وبناء الفندق بعدما نال النصيب الاكبر من دمار الحرب الاهلية.

IMG-20170716-WA0087

وقد تكون هذه الامسية مناسبة لاعادة التذكير بتاريخ هذا المعلم الذي تلازم تاريخه مع تاريخ بلدة صوفر التي ظلمتها التحولات السياسية والامنية لا سيما خلال الحرب الاهلية فدفعت الفاتورة الاغلى بعدما كانت قبلة السياح والمصطافين.

ففي حدود العام 1885 بنى آل سرسق الفندق في مرحلة شهدت المواصلات تطورا كبيرا في لبنان اواخر القرن التاسع عشر، فشُق طريق العربات بين بيروت ودمشق ولاحقا تم انشاء سكة الحديد وكانت محطتها فيها. وترافق ذلك مع نهضة سياحية كان فندق صوفر الكبير عمادها الاساس. وتحولت صوفر طوال القرن الماضي حتى مشارف الحرب الاهلية ملتقى رجال الدولة واصحاب القرار واهل الفن والمصطافين.

الفندق الذي بناه مالكه ابراهيم سرسق على الطراز الايطالي مستقدما مهندسين مختصين من ايطاليا وفرنسا، استضاف اجتماعات مهمة، أبرزها الاجتماع العربي، في العام 1944، الذي انبثقت عنه اللجنة العربية العسكرية المشتركة، التي أسست لقيام جامعة الدولة العربية. واجتماع اللجنة السياسية لجامعة الدول العربية، في العام 1947، لدراسة تقرير لجنة الأمم المتحدة بشأن تقسيم فلسطين. وشهد الفندق مؤتمرات عدة على المستوى الإقتصادي والاجتماعي والعلمي، منها مؤتمر المغتربين اللبنانيين في العام 1960.

IMG-20170713-WA0035-1

وقد ادى ازدهار الفندق الى استقطاب العائلات الارستقراطية للاقامة في صوفربالاضافة الى العائلات العربية والخليجية تحديدا وتشييد قصور فيها لا تزال تشكل تراثا عمرانيا مميزا وان كان بعضها قد هجره اصحابه.

ومن عبق هذه السيرة كانت هذه النوستالجيا التي أحيت في زوايا الفندق الكبير المهجور ماضي بعيد قد يبقى للذكرى وقد يستعيد الحلم بعض من مجده ولو بمشاريع انمائية وسياحية اخرى قد تحتضنها صوفر في المستقبل القريب وتعيد اليها رونقها.

“الأنباء”