النظام السياسي اللبناني يفقد الديمومة!
منير بركات
12 يوليو 2017
في ظل الازمات التي تكرر نفسها معبرة عن هذا النظام السياسي المأزوم وتتراكم بشكل مخيف، بحيث لم تبقَ مسألة الا ونخرها الفساد او الشلل وصولاً الى ضرب الحريات مروراً بمعضلة النفايات والكهرباء والمياه والضرانب وتزايد خط الفقر وما تحته، ومخاطر تواجد اللاجئين، والاشارات الخطيرة في موضوع القمع، وضبابية قانون الإنتخابات، ومستوى المعيشة والبطالة وتهميش الشرائح الاجتماعية، والغبن بحق المعلمين وعشرات الملفات التي اصابها التلف مما يفتح امامنا استعادة استعمال المفردات وتحليل هذا النظام الذي يعاني من أزمة بنيوية في الوقت الذي يحاولون تأبيده وبشكل مصطنع وخارج التاريخ.
صحيح بأن الإمتدادات الإقليمية ونتائج الحروب المجاورة تساهم في التحكم بالمسار اللبناني بسبب تبعية الاطراف الاساسية في السلطة، الا ان قوانين التطور لا يمكن ان تتوقف مهما طال الزمن.
ان تأمين ديمومة التجدد لسيطرة الطبقة السياسية، هي ديمومة تجدد ازمتها بدون الانفجار بالرغم من وضوحها الظاهر بالشكل، مع العلم بأن احدى أسباب الحرب الاهلية كانت المعركة الوطنية والمطلبية واصلاح النظام السياسي بالرغم من التداخل مع القضية الفلسطينية.
ممكن القول بأن الازمة الراهنة أزمة سياسية بامتياز وحركة تجددها من الازمة المزمنة للنظام في الوقت الذي تتميز فيه المرحلة حاليا بتضخم الازمة ووصولها الى قمة التناقض بحيث ستتعطل حركة تجددها الدائم وسوف تنفجر الازمة في شكل ازمة سياسية اقتصادية بيئية الخ.. بحيث أصبح النظام السياسي لسيطرة البرجوازية والطبقة السياسية تحت المبضع وعلى بساط البحث، وان مهمة تغييره اصبحت ضرورية.
لم يعد النظام قادراً على القيام بوظيفته الطبقية وفي تأمين السيطرة وديمومتها وتأبيدها، بالرغم من توحد الطبقة السياسية ومعظم احزاب السلطة التي تشكل التكوين السياسي للطوائف والمذاهب وتقاسمها الحصص بالرغم من التناقض غير التناحري على الاقل في المدى المنظور وتملكها عناصر القوة في الفرز المذهبي، والتسلح في قواعدها بغرائز الانتماء والحماية.
لكنه تبين من خلال اشارات عديدة حالات من التمرد أخرها تصويت ٤٣ بالمئة لصالح اللائحة المعارضة بمواجهة تكتل أحزاب السلطة باستثناء “الاشتراكي” الذي اتخذ موقفاً مبدئياً من انتخاب رابطة التعليم الخاص، بالاضافة لظاهرة بعض الحراك المدني والنشاط البيئي المعارض وانتخابات المجالس البلدية، جميعها تشكل منحى نوعياً ومخزوناً من حالات الرفض التي ينقصها الوحدة والمشروع والقيادة.
على ما يبدو بأن أزمة النظام وعجزه والذي يشكل الظروف الموضوعية للتغيير وينقصه تنظيم قوى المعارضة التي تشكل الامكانيات الذاتية لكي تنضج ما يسمى نظرياً الوضع الثوري وشروطه، مع العلم بأن عملية التغيير العنفية والمفهوم الانقلابي أصبحت غير واقعية ومفهوم الثورة وتدمير المؤسسات القديمة اصبحت من الماضي وتدمير الهدف المراد، اسقطته التجارب. ميزات العصر لعملية التغيير ترتبط بالآليات الديمقراطية لا سيما التغيير من خلال البرلمان ومن خلال اي نظام انتخابي وكان من المفترض ان يكون أكثر عدالة.
الصراع الطبقي هو القوة المحركة للتاريخ ولا يتحرك التاريخ بحسب نظام السيطرة الطبقية للطبقة المسيطرة، بل في الصراع ضده.
(*) رئيس الحركة اليسارية اللبنانية