السلاح المتفلت: أهلاً بكم في الغابة!

علاء لؤي حسن

أنباء الشباب

اللبناني يحب الحياة!! شعار كنا نسمعه مرارا وتكراراً، ولكن يبدو أننا شعب يفتقد لثقافة الحياة، ويفتقد لأدب الحياة حتى  أصبح القتل أمراً عادياً في لبنان!

فلا يمر يوم إلا ونسمع عن أصابة من هنا ووفاة من هناك بسبب ظاهرة السلاح المتفلت لدرجة ان اللبناني ما عاد يعرف عند خروجه من منزله  إن كان سيعود إليه سالماً أم لا!

كنا نسمع بجرائم الشرف وجرائم تعود لعادات العشائر وغيرها “كالأخذ بالثار”. أما اليوم فقد أصبح الموت لأتفه الأسباب (خلاف على أفضلية مرور أو على موقف سيارة…!!) وهنا تعلو الأصوات بين صاخت وغاضب وشاك: ما ذنبنا لكي نكون ضحايا السلاح غير الشرعي؟ ما ذنب الأهل والأحبّاء أن يدفعوا ثمن قلّة وعي وطيش الشباب. طيشٌ استولده فراغ اخلاقي وحضاري لم تشغله تربية منزلية قويمة، ولا قبضة الدولة صارمةً في تطبيق القانون. بل لعل احساس هؤلاء الزعران بان لا قبضة بالأساس يجعلهم يتمادون فبات خبر إصابة شخص بطلق ناري في هذه المناسبة او تلك خبراً يومياً في نشرات الأخبار.

download

سكتت آلة الموت للحرب الأهلية التي استولدها في مكان ما النظام اللبناني الطائفي المتخلف، لتبدأ ألة موت أخرى! هي أيضاً من أرهاصات هذا النظام السياسي اللبناني ذاته، يكرر نفسه الأن ولكن بحلةٍ جديدة وقميص من موديل أخر. نظم مبني على المحاصصة الطائفية، فتتكرر ذات الأمثولة، أي فشل في بناء دولة الحق والقانون، وما ينتج عنها من فشل في  تنمية حقيقية تستجيب لأبسط حاجات الانسان، وهكذا ينتشر الفقر والعطالة عن العمل، وإلى كل ما تستولده هذه المناخات من مفاسد ورذائل، وأيضاً وسائل للهروب من الواقع وابرزها الأدمان على الكحول أو المخدرات التي راجت تجارتها. وهكذا بين مفاسد النظام اللبناني وتخلف قيمي واجتماعي يبرر العنف والثأر، فتنتعش ظاهرة الجرائم. مما يستدعي البحث عن علاج الأسباب وهو الحل البعيد المدى والأنجع والأضمن.

العدالة7

ومهما يكن من أمر، فإن إتاحة الحرية للعدالة كي تأخذ مجراها هو المدخل، وهو الشرط اللازم بالأن عينه. ولعل ما يثير الاستغراب حقاً هو سكوت الدولة عن هذا الموت العشوائي وعدم اتخادها أي إجراءات جدية حاسمة للحد من هذه الظاهرة التي تشوه صورة لبنان في الخارج وهذا ما عبرت عنه صحيفة “لوموند” الفرنسية التي تحدثت عن هذه الظاهرة واصفةً لبنان بأنه غابة وليس بلداً! وهذا – بلا شك – يشكل صفعة للبنان أمام المجتمع الدولي، فأية استثمارات ننتظرها، واية سياحة نتوقعها في هذه “الغابة”!

لا يحتاج الأمر لمعجزات، كل ما يلزم ، بتٌ عاجلٌ في الجرائم، بل وعدم التردد -حيث يجب- في تطبيق نص المادة 548 من قانون العقوبات والتي توجب الأشغال الشاقة المؤبدة على القتل إذا ارتكب لسبب سافل. وهنا لا أؤيد ما يشاع حول اعدام القاتل، فالقانون صريح بهذا الشأن وينص على عقوبة “الأشغال الشاقة المؤبدة”، وليس الاعدام وبالتالي لا بد من احترام النص، بالاضافة الى الحرمان من حمل السلاح كتدبير احترازي.

إن الحرص على تطبيق نص هذه المادة وعدم إغراق الملفات في اجراءات المحاكمة الطويلة، هو المحك لتبيان جدية العدالة وحرص الدولة.

وهذا الأخير يعيدنا للمربع الأول  وعنوانه: “العدل أساس الملك” كما قال فيلسوف العرب ابن خلدون.

(أنباء الشباب، الأنباء)