8000 “دراكيولا” يعيشون على دماء اللبنانيين ليلاً نهاراً!

محمود الاحمدية

“جاء في (سورة الأنعام: 152): “وأوفوا الكيل والميزان بالقسط، لا نكلّف نفساً إلا وسعها، وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى، وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكّرون”.

منذ عهد الاستقلال والأزمات تلاحق الوطن وفي مختلف الملفات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والبيئية والرياضية وكرحلة شاقة هرول الوطن متسلقاً القمم في فترات وجيزة لا حياة طويلة لها وغرق في المستنقعات كثيراً من الفترات وتحمل ما لا يتحمله وطن آخر من القريب والبعيد، وازدهر بأدمغة جابت العالم أجمع وتكلّمت بالفعل عن تفرد وعبقرية أبناء هذا الوطن في العالم أجمع…

وتكررت المستنقعات وتحولت إلى ثورات وحروب منها الأهلية ومنها ضد حكام فاسدين… وكان التدخل الخارجي يعيد دائماً الأمور إلى نصابها ويُخمد البراكين على مضض وجاءت فترة تكوّنت فيها طبقة وسطى استطاع الوطن فيها وخاصة في الستينات أن يقارع الأوروبيين حياة ومستوى معيشة ولبنان كان القدوة للعرب ولدول العالم الثالث وتحولت الليرة اللبنانية إلى قوة رائعة تقاربها قيمتها قيمة الدولار وتصرفها في سفراتك وكأنك تحمل الدولار…

وانقلبت الموازين وبدأت الحروب الداخلية في لبنان والخارجية على لبنان والمسؤولون اللبنانيون كانوا الوقود للوطن يحترق أمامهم وشعبهم يذوب وجيوبهم تنتفخ حتى وصلنا، حالياً والوقت لا يسمح بذكر التفاصيل، إلى ظروف مأساوية لا يتحملها انسان ويكفي أن تذهب بسيارتك وتقطع مطلق شارع في مطلق مدينة لبنانية أو بلدة أو قرية وحاول أن تنظر إلى وجوه الناس ستتفاجا بالحزن واليأس و”النرفزة” تعلو جباههم والعصبية تسيطر على عيونهم وجباههم…

دراسة علمية دقيقة صدرت مؤخراً من مصرف Credit Suisse تضع بالأرقام واقعاً مأساوياً لا تصدقه عين ولا يتقبله العقل.

I – 0.3% من اللبنانيين (نحو 8000 شخص) معظمهم من السياسيين وشركائهم، يملكون نصف الثروات الخاصة بلبنان أي ما يقدر بـ 46 مليار دولار أميركي.

II – 66.07% من اللبنانيين لا تتعدّى ثروة كل فرد منهم 10 آلاف دولار أميركي.

III – 30.2% من اللبنانيين يمتلك كل منهم بين 10 آلاف و100 ألف دولار أميركي أي أن 96.9% من اللبنانيين ليس لديهم ثروة بالمعنى الحقيقي للكلمة.

ويزيد التقرير: “يُصنّف لبنان من بين أسوأ دول العالم في المرتبة الـ6 ما قبل الأخيرة من حيث عدم وجود مساواة في المدخول ومن حيث توزيع الثروة والعدل في توزيعها… ويسجل التقرير نسب عالية جداً حيال التفاوت بين اللبنانيين في المدخول والأحوال المعيشية وملكية الأراضي وعدم التكافؤ في التجارة والصناعة بسبب الاحتكار…”.

هذه الأرقام تثبت بالدليل القاطع أن الطبقة الوسطى والتي تشكل عصب الاقتصاد ومحرك الازدهار قد زالت وكثيرون والنسبة الساحقة تفكر بيومها كيف تستطيع أن تنهيه بكرامة وبعيداً عن ذل السؤال دَيْناً كان أو غيره!

وغياب السياسات الاستراتيجية على مستوى وطن وقيام الارتجال في كل الحلول والهرولة نحو الصفقات على حساب شعب بأكمله وبرزت طبقة (أغنياء الأغنياء) حيث البطر والفحش وتحطيم كل قواعد الأخلاق وشلة 8000 من خيرة الحرامية تعيث فساداً وإفساداً… غابت القيم وزاد الفحش والجهل ويا ويل أمة قياديوها فاسدون مفسدون وكل ذلك من مالي ومالك ومال الشعب اللبناني…

وبعقل بارد وبعيداً عن الانفعال أقول: رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة وبرؤيا، وبدون إعادة إنعاش الطبقة الوسطى لا مستقبل للبنان بل انفجار يحرق الأخضر واليابس، فعلى الخيّرين الرؤيويين القليلين وضع استراتيجيات وسياسات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية هدفها الإنسان ترتقي به بخلق فرص العمل والتضحية بالوقت والمادة والفكر في سبيل إنقاذ الوطن…

حديث يطول وأسطر المقالة لا تسمح ولكن العقول اللبنانية المبدعة التي شاركت في وضع مشروع حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، والعقول اللبنانية التي قام عليها اقتصاد كثير من الدول المجاورة والبعيدة قادرة على التضحية وإذا سألتني كيف وإذا كنت من هذه العقول الإبداعية أقول بهدوء: النهوض يبدأ بك أنت وإذا تعممت الفكرة والتحدي نستطيع فعل المعجزات بالرغم من 8000 شخص الذي يتغذون ليلاً نهاراً بدماء اللبنانيين.

 

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة