خمسون عاماً على “النكسة”: وكم من نكسات توالت!

رامي الريس

في الخامس من حزيران 1967، تغيّر وجه المنطقة العربية إلى الأبد، فصار العنوان هو الهزيمة والإنكسار والإضمحلال! حتى إستعادة أمجاد الماضي الذي رسمته الإمبراطوريات العربية المتلاحقة وصولاً إلى الأندلس لم تعد تنفع لطلاء لوحة الذل والوهن والضعف أمام إحتلالٍ إغتصب الأرض ونال التصفيق والإعتراف والثناء لفعلته.

صحيح أن نظرية المؤامرة قد إستفادت منها الأنظمة الديكتاتورية العربية لعقود بهدف إسكات أصوات الإعتراض وكم الأفواه عند شعوبها، ولكن الصحيح أيضاً أن مؤامرة ما إستهدفت فلسطين منذ وعد بلفور المشؤوم إلى أن توالت الأحداث ووقع السطو الصهيوني وهو مستمر منذ ذلك التاريخ.

لقد سال الكثير من الحبر في التحليل السياسي والعسكري والإستراتيجي لفهم الدوافع الحقيقية لتلك الهزيمة الساحقة التي وقعت سنة 1967، وصدرت المئات وربما الآلاف من الكتب العربية والإسرائيلية والأجنبية حول تلك الحرب.

كالعادة تفاوتت التحليلات المنشورة في تفسير أسباب ونتائج الحرب.

حالة الندب التي عاشتها المنطقة العربية حيال تلك الهزيمة المدوية طغت على ما عداها من محاولات جدية لتخطي مسببات الإنكسار والفشل العربي  الرسمي  الذريع في إستيعاب ما حصل وغياب السعي المشترك لبناء رؤية إستنهاض عربية (بإستثناء ربما ما صدر عن بعض منتديات الابحاث التي تمارس ترفاً فكرياً ونظرياً قلما يشق طريقه إلى التنفيذ)؛ راكم حالة اليأس عند الشعوب العربية التي شاهدت “النخب” العربية الحاكمة، العسكرية منها والرجعية، تستظل شعار “فلسطين” لتطيل أمد سيطرتها على دولها وإسكات شعوبها والإطباق على كل مفاصل الدولة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية وبعضهم وصل إلى تدجين الحياة المسرحيّة!

لكن السؤال الذي يطرح نفسه بعد مرور 50 عاماً على “النكسة”: هل واقع العالم العربي اليوم أفضل مما كان عليه في ذاك التاريخ أم أسوأ؟ هل إستعيدت فلسطين أو حتى بعض أقسامها، أم أنها لا تزال تخضع للإحتلال وإذلاله المتمادي؟ هل توقف الإستيطان أم توسع وفق سياسة قضم الأراضي؟

إن تراجع الإهتمام العربي بفلسطين وصل إلى مستويات متدنية غير مسبوقة. على المستوى الرسمي، قلما كان هناك إهتمام يذكر سوى بالبيانات الإستنكارية المرتكزة إلى اللغة الخشبية البالية. ولكن التراجع المخيف هو ما حصل على مستوى الشعبي! نادراً ما عدت ترى مظاهرة ما في عاصمة عربية ما تخرج رافعة شعارات وعناوين القضية الفلسطينية!

الفلسطينيون أنفسهم ينقسمون فئات وفصائل وحركات ومنظمات، وكل منهم يمسك بجزء من الأرض.

بعد كل هذه السنوات، بعد العقود الخمسة التي مرت، ألا يحق للمواطن العربي أن يتساءل: لماذا يتقدم الغرب فيما يتراجع العرب؟

——————————

(*) رئيس تحرير جريدة “الأنباء” الالكترونيّة

Facebook: Rami Rayess II

Twitter: @RamiRayess

 

اقرأ أيضاً بقلم رامي الريس

عن الخرائط التي تُرسم والإتفاقات التي تتساقط!

التسوية شجاعة وإقدام!

الأحزاب وبناء الدولة في لبنان

أعيدوا الاعتبار لـ “الطائف”!

الإعلام والقضاء والديمقراطية!

وفروا مغامراتكم المجربة… واقرأوا!

عن “الأقوياء في طوائفهم!”

ما بعد الإنتخابات النيابية!

لمن سأقترع في السادس من أيّار؟

إنه السادس من أيار!

لائحة المصالحة: قراءة هادئة للعناوين والتطلعات

لا، ليست إنتخابات عادية!

عن تجاوز الطائف والأكلاف الباهظة!

الشعب الإيراني يريد النأي بالنفس!

الإصلاح ثم الإصلاح ثم الإصلاح!

للتريث في قراءة مفاعيل التريث!

كيف ستنطلق السنة الثانية من العهد؟

تغيير مفهوم الإصلاح!

“حبيبتي الدولة”!

من حقّ الناس أن تتعب!